لقاءات مجموعة | تدارس |
في تطبيق لاين [line]
الدرس الثاني ، الثالث ، الرابع :
[ سورة النبأ ]
•• الدرس الثاني :
* حديثنا اليوم عن سورة النبأ
فمن تعرف ما المقصود بالنبأ ؟!
- الخبر
نعم .. صحيح
* وفي السورة النبأ العظيم ماهو ؟
اختلف المفسرون ما هو النبأ العظيم؟ هل هو القرآن أو يوم القيامة؟ فمن العلماء من قال ﴿عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾: هو القرآن، واستدلوا على ذلك بقول الله -عز وجل- في سورة ص: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿67﴾ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ [ص: 67، 68].
قالوا: ما دام الله وصف القرآن بأنه نبأ عظيم، إذن فنحمل هذه الآية على أن المراد بالنبأ العظيم هو القرآن.
والقول الثاني: أن النبأ العظيم هو يوم القيامة، لماذا قالوا يوم القيامة؟ قالوا: لأن الحديث كله في السورة -كما شاهدنا- عن يوم القيامة، ولا شك أنَّ دليل السياق من الأدلة القوية التي نَستند إليها في ترجيح قول على قول.
يبقى أنْ نخبركم بأنه لا مانعَ أن يكون النبأ العظيم هما جميعًا، ويمكن أن نصوغ هذين القولين بهذه الصياغة، نقول: النبأ العظيم هو القرآن الذي جاء بيومِ القيامة؛ لأنَّ من أعظم أخبار القرآن التي أنكرها المشركون، هو خبر يوم القيامة، وبهذا نقول: ﴿عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ عن القرآن الذي جاء بيوم القيامة.
- ندخل إلى التفسير:
(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) عن أيِّ شيء يسأل بعض كفار قريش بعضاً؟ إنهم يتساءلون عن شيء ينكرونه، ويُكذبون به .
(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) عن هذا النبأ الذي جئتَ به -يا محمد- وهو القرآن العظيم الذي جاء بيوم القيامة .
(الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) اختلفوا فيه، فمنهم من يظنه ظنًّا، ومنهم من يُكذب به، ومنهم من يُؤمن به .
(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) هذا شيء يُنكر، كلا؛ ليس الأمر كما تقولون، ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ أن هذا حق، وأنه كائن بإذن الله -عز وجل-.
(ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) تأكيد لهذا الذي ذُكر في الآية الأولى، من باب التشديدِ عليهم، كيف تختلفون في أمر واضح الدلالة؟ .
سيعلم هؤلاء المشركون عاقبة تكذيبهم، ويظهر لهم ما الله فاعل بهم يوم القيامة، ثم سيتأكد لهم ذلك، ويتأكد لهم صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، من القرآن والبعث وهذا تهديد ووعيد لهم.
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) ألم نجعل الأرض ممهدة لكم كالفراش؟ وهذه دلائلُ قدرة الله .
(وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) الجبال رواسي؛ كي لا تتحرك بكم الأرض .
(وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا) وخلقناكم أصنافا ذكرا وأنثى .
(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) وجعلنا نومكم راحة لأبدانكم، فيه تهدؤون وتسكنون .
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا) وجعلنا الليل لباسًا تَلْبَسكم ظلمته وتغشاكم، كما يستر الثوب لابسه .
(وَجَعَلْنَا النهَارَ مَعَاشًا) وجعلنا النهار معاشا تنتشرون فيه لمعاشكم، وتسعَون فيه لمصالحكم .
•• الدرس الثاني :
سورة البنأ سورة مكية والمكي بجملته يهتم بالاعتقاد وتأسيسه، ونلاحظ أنه يتميز أيضًا بقوة أسلوبه، وخطابه الواضح والصريح، وحواره للكفار والمشركين في عقائدهم، وما يتبنَّونه من أطروحاتٍ وعقائدَ فاسدةٍ، يناقشها نقاشًا قويًّا وصريحًا ومباشرًا.
وفي سورة البنأ حديث عن قدرة الله وذلك في قولة ألم نجعل الأرض مهادا .
وحديث عن يوم القيامة في قولة 'إن يوم الفصل كان ميقاتا'
وحديث عن الجزاء 'إن جهنم كانت مرصادا'
وكذلك : 'إن للمتقين مفازا'
(وَجَعَلْنَا النهَارَ مَعَاشًا) جعلنا النهار محلًّا لمعاشِكم، فأنتم تَطلبون الرزق وتضربون في الأرض وتبحثون عن المعاش في وقت النهار .
(وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) ماهي السبع الشداد ؟
- السموات
لم يذكر لنا ما هي السبع، هل هي سبع نجوم، ولا أفلاك، ما ذكرها، لكنها معلومة، ومعروفة في فطرة كل واحد منا، ما هي السبع الشداد؟
{السموات السبع}.
ولذلك ما ذكرها اكتفاء بالعلم بها، لأن كل إنسان يعلم ما هي هذه السبع.
(وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا) شدادا : قوية متماسكة متينة البناء محكمة الخلق، لا صدوع لها ولا فطور .
(وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا) سراجاً تعني ماذا ؟!
- الشمس
ولماذا لم نقل أن المقصود بـ سراجاً هو القمر ؟
قال "سراجًا"؛ لأن السراج يجتمع فيه شيئان، الأول: الإضاءة، والثاني: الحرارة، وهكذا الشمس، ولذلك وصف القمر في القرآن بأنه نور، ووصفت الشمس بأنها سراج، لكي تتضمن الإضاءة أو الإنارة والحرارة، أما القمر فجُعل نورًا لأنه يقبس نوره من الشمس، وهو يعكس ضوء الشمس.
قال الله -عز وجل-: ﴿وَهَّاجًا﴾ أي متوهجًا ومتوقدًا، وهكذا نرى الشمسَ، بحيثُ إنَّ الإنسانَ لا يَستطيع أن يركزَ فيها النظرَ أو يصمد لها خصوصًا في وقت الحرِّ، أو إذا قربت من رؤوس الناس .
(وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا) ماهي المعصرات ؟!
- السحاب
وأنزلنا من السحب الممطرة ماء منصَبّا بكثرة .
(لنُخرجٓ به حٓباً ونبٓاتاً وجٓناتٍ ألفٓافا) لنخرج به حبًا مما يقتات به الناس وحشائش مما تأكله الدَّواب، وبساتين ملتفة بعضها ببعض لتشعُّب أغصانها .
قال: ﴿وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا﴾؛ أي حدائق مُلتفَّة، هذه الحدائق من خَلَقَها؟ من كونها؟ من أنبتها؟ من أخرجها من داخل الأرض وباطنها؟ من الذي أنتجها من تلك الحبوب أو البذور الصغيرة، وجعلها أشجارًا عظيمةً وجعل فيها هذه الفواكه النضرة وهذه الألوان الجميلة؟ الله وحدَه.
الله الذي خلق هذا كله، هل يُمكن أن يُوصف بأنه عاجزٌ عن إعادتكم بعد موتكم؟ وبأنه لا يَقدر على أن يُحييَ الناس بعد أن يموتوا، أين عقولكم يا أهل مكة؟ أين عقولكم يا مشركي العرب؟
بعد أن ذكر هذه الدلائل العظيمة الدالة على قدرته، وعظمته، ونعمته على عباده، والقاطعة والمانعة للتكذيب بيوم القيامة قال: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾
إن يوم الفصل بين الخلق، وهو يوم القيامة، كان وقتًا وميعادًا محددًا للأولين والآخرين .
وذكر في بدايتها 'إن' للتأكيد لأن الخطاب كان موجهاً للكفار والمشركين الذين ينكرون البعث .
(يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) أي في ذلك اليوم ينفخ في الصُّورِ، من الذي ينفخ في الصور؟
- إسرافيل
{فِي الصُّورِ} الصور هو قَرْن عظيم جدًّا خَلَقَه الله -عز وجل- لينفخ فيه إسرافيل، فإسرافيل ينفخ فيه نفختين، النفخة الأولى نفخة للصعقِ، يموت من على وجهِ الأرض، والنفخة الثانية للبعثِ، كل من مات بالنفخة الأولى أو قبلها يحيى بالنفخة الثانية.
﴿فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾؛ يعني إذا نفخ جئتم أفواجًا إلى أرض المحشر والمنشر.
(وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا) أي صارت أبوابًا يخرجُ منها أهلُ السماء فكانت ذات أبواب كثيرة لنزول الملائكة.
(وسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) ونسفت الجبال بعد ثبوتها، فكانت كالسراب.
وهنا ذكر أهوال يوم القيامة وذكر لذلك الموقف العظيم نسأل الله النجاة فيه .
ثم بعد ذلك قال تعالى :
(إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا) إن جهنم كانت يومئذ ترصد أهل الكفر الذين أُعِدَّت لهم وقال "إن" للتأكيد .
(للطَّاغِينَ مَآبًا). ماهو الطغيان ؟!
- تجاوز الحد في العصيان
'مآبا' مرجعاً لهم ومقراً أي أن جهنم مرجعاً لهم نسأل الله السلامة .
(لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا) ماكثين فيها دهورًا متعاقبة لا تنقطع .
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا ولَا شَرَابًا) أي ماءً يُبرد حرَّ أجوافهم، فهم لا يذوقون البرد الخارجي والبرد الداخلي، لا يَطْعَمون فيها ما يُبْرد حرَّ السعير عنهم، ولا شرابًا يرويهم . نسأل الله السلامة.
(إلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا) إلا ماءً حارًا، وصديد أهل النار .
(جَزَاءً وِفَاقًا) أي موافق لأعمالهم.
(إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا) هذا هو سبب العذاب، والقرآن من عادته أنه إذا ذكر العذاب يبين السبب، وإذا ذكر النعيم يبين ما هو السبب؛ حتى نقتدي ونعمل، ونتقي أسباب العذاب.
(إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا)؛ أي يكذبون بيوم القيامة.
(وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا)؛ أي كذبوا بهذه الآيات التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تكذيبًا من غير حجة ولا بينة.
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا) قد أحصينا أعمالهم إحصاء دقيقًا، والإحصاء هو العد الدقيق، لم يفتنا من أعمالهم شيء، كما قال الله: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿7﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
(فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا)؛ أي ذوقوا هذا العذاب، فلن تجدوا بعده إلا عذابًا أزيد منه، وإن قال بعض العلماء هذه الآية أشد شيء في القرآن.
قالوا أنها الأشد لأن العادة أن من يسجن أو يعذب يبدأ بالعذاب.... ثم يخف عنه العذاب شيئًا فشيئًا فشيئًا حتى يُفرج عنه، أما في نار جهنم فإنه في كل يوم يُعطى لونا أزيد من اللون الذي قبله.
نسأل الله العفو والسلامة.
•• الدرس الثالث :
بعد أن ذكر قدرك الله وذكر يوم القيامة وذكر أهوالها ثم ذكر جزاء هؤلاء المكذبين من أهل النار والحديث عن جهنم ذكر الحديث عن المتقين أسأل الله أن نكون منهم .
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا) إن للذين يخافون ربهم ويعملون صالحًا، فوزًا بدخولهم الجنة.
(حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا) إن لهم بساتين عظيمة وأعنابًا .
(وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا) ما هي الكواعب؟!
- جمع كاعب، وهي الفتاة الشابة التي تَكَعَّبَ ثديها، يعني لا زال ثديها في بداية نُشوئه .
ومعنى الآية ولهم زوجات حديثات السن ﴿أَتْرَابًا﴾؛ أي في سنٍّ واحدة .
(وَكَأْسًا دِهَاقًا) الكأس يطلق عند العرب على الخمر، و﴿دِهَاقًا﴾ يعني ممتلئة، وقد وصفها بعض العلماء: قال ممتلئة ومتتابعة وصافية.
(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لٓغْواً وٓلآ كذاباً)؛ أي في الجنة، التي فيها الحدائق والأعناب ﴿لَغْوًا﴾ أي كلامًا فارغًا، ﴿ولا كذابًا﴾.
(جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا)؛ أي كافيًا.
وعدم سماعهم لٓألغو من النعيم سبحان الله في الجنة وهذا النعيم كله من عند الله سبحانه .
(ربِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابا) أي لا يتحدث أحد في ذلك اليوم إلا أن يأذن له الله -سبحانه وتعالى- من هول الموقف وهو يوم القيامة من شدة الخوف والهول إلا أن يأذن الله .
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا) مامعنى الروح ؟
- جبريل عليه السلام
وذلك أن الله قد سماه في سور عده (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) فالأرجح هنا أن الروح هو جبريل عليه السلام يوم يقوم جبريل عليه السلام والملائكة مصطفِّين .
(لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا) أي قال: كلامًا حقًّا وأعظمه وأجله: لا إله إلا الله.
لا يشفعون إلا لمن أذن له الرحمن في الشفاعة، وقال حقًا وسدادًا .
(ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ) الثابت الذي لا شكَّ فيه،
(فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا) من شاء اتخذ طريقًا موصلا إلى الله بالعمل الصالح عملاً صالحاً خالصا لله وكما شرعه الله .
وثم بعد ذلك ختام السورة فقال سبحانه :
(إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا) أي حذرناكم عذابًا قد أزف، فكل ما هو آت فهو قريب.
القريب الذي يرى فيه كل امرئ ما عمل من خير أو اكتسب من إثم .
(يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) ينظر إلى عمله الذي قدمه لتلك الدار فإن كان محسنا فرح بإحسانه، وإن كان مسيئا استاء لما عمل، أو ما قدم من سوء.
(وَيقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) يعني لم أخلق أصلًا، أو ليتني بعد إذ حوسبت أكون ترابًا، كما يرى من البهائم عندما يقتص الله لبعضها من بعض، ثم يقول لها كوني ترابًا، فتكون ترابًا، فيتمنى الكافر أن يكون مثلها.
وذلك لشدة الحسرة والندامة على الكفار في ذلك الموقف .
نسأل الله أن يوقفنا للعمل الصالح الخالص لوجهه الذي يرضيه عنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق