لقاءات مجموعة | تدارس |
في تطبيق لاين [line]
الدرس السابع ، الثامن :
[ سورة عبس ]
سبب نزول سورة عبس :
سبب نزول هذه السورة، أو مقدمة هذه السورة هو هذه القصة، وهو أن عبد الله بن أم مكتوم، كان ممن أسلم قديمًا، فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يُريد أن يتزكى، ويُريد أن يتعلمَ دينه، وجاء مُقبلًا وهو أعمى، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان مشغولًا بدعوة آخرين من كُفار مكة .
في تلك اللحظة كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو هؤلاء وهم معرضون عنه، وكان -عليه الصلاة والسلام- يتمنى لو أن عبد الله بن أم مكتوم لم يأتِ في ذلك الوقت لأنه -عليه الصلاة والسلام- لا يمكن أن يحقر أحدًا من المؤمنين، أو يتأخر عن إجابة طلبه، ولكن الموازنة كانت عند رسول الله في تلك اللحظة تقتضي بمقتضى ما عنده من الحِكمة، أن يقدم شأن هؤلاء الذين يرجو بدخولهم إلى الإسلام نفع الإسلام، وعز المسلمين، ولكن الله عاتبه وقال: يا محمد، إياك أن تُقبل على مَن أعرض عنك، وتدعَ من أقبل إليك.
(عَبَسَ وَتَوَلَّى) الحديث هنا مع مَنْ؟
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
و( تولى ) تولى عن من ؟!
عن عبدالله بن أم مكتوم
فـ﴿عَبَسَ﴾: أي قطَّب وجهه.
و﴿وَتَوَلَّى﴾: أي أعرض عن هذا الذي جاءه يريد أن يسترشده ويسأله.
عبَّر بضمير الغائب لماذا؟ لماذا لم يقل: "عبست وتوليت"؟ قال: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾؟
أنه أراد ألا يُوحش صدره بالخطاب؛ لأنَّ الخطاب له هجوم على النفس، وأثر ثقيل عليها، فكأنه يتحدث عن شخص غائب فيقول: عبس هو، وتولى هو، ثم قال بعد ذلك :
( أن جاءه الأعمى) فلما ذهبت هذه الوحشة بدأ بالخطاب .
﴿عَبَسَ﴾: أي قطَّب بوجهه، و﴿وَتَوَلَّى﴾: أي أعرض ببدنه؛ لأنه لما أقبل ابن أم مكتوم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ كره النبي -صلى الله عليه وسلم- مجيئه، ولما جاء يسألُ أو يُريد من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُرشده إلى ما أراده؛ أعرض عنه وانشغل بهؤلاء من صناديد قريش، فعاتبه الله -عز وجل-.
العبس خاص بالوجه والتولي بالجسد ..
﴿أَن جَاءَهُ الأَعْمَى﴾أي بسبب أن جاءه الأعمى .
هنا سؤال: لماذا عبَّر عن هذا الرجل أو الصحابي بالأعمى؟ أليس في هذا تعييرًا لهذا الرجل؟ لماذا لم يقل: أن جاءه عبد الله بن أم مكتوم مثلًا؟ أو: أن جاءه ابن أم مكتوم؟
أولًا: ليُبيِّن عذر هذا الرجل الذي جاء إلى رسول الله، هذا الرجل الذي جاء إليك يا محمد له عذر، وهو أنه أعمى، هو لا يدري أنت مشغول أو غير مشغول، وهو صاحب حاجةٍ، فكان يَنبغي لك أن تقضيَ حاجته وأن تعذره؛ لأنه لم يطلع على ما أنت مشغول به.
ثانيًا: ليُرققَ قلبَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه وعلى نُظرائِه. وهذه الآية ممكن أن نجعلها حجة في التلطف مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وإعطائهم من الرفق واللين والرحمة أكثر مما يُعطى غيرهم؛ بسبب ما هم فيه من البلاء، فصاحب البلاء يُرحم أكثر من صاحب العافية، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعافينا جميعًا.
فهذا ليس تعييرًا، ما دام يُراد بهذا الوصف معنًى لطيفٌ وجيدٌ، ولا يُراد به العيبُ والتعييرُ، فإنه لا يُعاب ذلك أبدًا.
( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ): أي شيء يدريك لعل هذا الأعمى الذي جاءك يتزكى .
وقوله (يزكى) أدغمت التاء في الزاي فصارت ﴿يَزَّكَّى﴾، وأصلها: يتزكى.
﴿أَوْ يَذَّكَّرُفَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى﴾
هنا ذكر شيئين:
الأول: يزَّكى، الثاني: يذَّكر.
قال العلماء: إن هذا من باب تقديم التخلية على التحلية، فإما أن يتطهرَ من ذنوبه ﴿يَزَّكَّى﴾، وإما أن ينتفع بشيءٍ مما جئتَ به من الوحي والخيرِ والعلم النافع، إما أن يحصل له هذا أو يحصل له هذا، ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى﴾.
﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى﴾، أما هذا المستغني الذي لا يرغب في سماع ما عندك يا محمد، وليس عنده الرغبة في أن يُؤمن، ولا أن يتلقى، بل إنه راغب في فراقك، فما الذي يحملك على أن تَتصدى له؟
﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى﴾، إن لم يتزكَّ يا محمد؛ فليس عليك شيء، لن ينالك من الله -عز وجل- لا عقوبة ولا عتاب؛ لأنك قد أديت ما عليك، وهو الذي أعرض بنفسه، فليس عليك شيء إذا لم يتزكَّ.
﴿وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى﴾، من هو الذي جاءك يسعى؟ عبدالله ابن أم مكتوم
وصفه الله بثلاث صفات :
الصفة الأولى ﴿جَاءَكَ﴾، فجاء بنفسه. أما أولئك فأنت جئت إليهم، وذهبتَ إليهم، وتصديت لهم، هذا جاءك طالبًا للهُدى، فالحقُّ أن يُقبل على مَن أقبل، وألا يُؤبَهَ بمن أعرض، هذا هو الأصل، العدل أنك مَن أقبل عليك تُقبل عليه، ومن أعرض فلست مُحاسبًا لو أنه أعرض وتركته.
الثانية ﴿يَسْعَى﴾ أيضًا هذا المجيء مجيء بإقبال ورغبة، ليس عبد الله بن أم مكتوم كان يمشي ثم سمع صوت النبيَّ قال: تذكرت، فيه سؤال يا رسول الله، لا جاء قاصدًا؛ لأن السعي هنا لا ينبغي حمله على سعي البدن، بمعنى الركض أو الشدة في الجري؛ لأن ابن أم مكتوم أعمى، ومثل هذا لا يتصور منه أن يمشي في الأسواق وفي الشوارع بماذا؟ بقوة أو بسرعة.
إذن ما المعنى؟ ﴿جَاءَكَ يَسْعَى﴾؛ أي جاء مهتمًّا حريصًا مقبلًا.
الصفة الثالثة : ﴿وَهُوَ يَخْشَى﴾، جاء ويسعى وأيضًا عنده خشية حَمَلتْه على أن يسأل، وليس سؤاله مجرد استعلام أو تزوُّد من العلم فقط، أو لمجردِ تزجية الوقت، أو لأجل الكلام مع رسولِ الله فقط، كما يفعل بعض المحبين لرسول الله، يريد أن يتحدث مع رسول الله بأي كلام،، لا هذا حمله على السؤال خشيته من الله -عز وجل- يريد أن يعمل، ويريد أن ينفذ.
ما الفرق بين الخوف والخشية ؟!
الخوف فيكون خوفًا، يعني أن تخاف من شيء، عامةً أن تسمع صوتًا مفزعًا تخاف، ما تدري ما هذا الصوت، هل هو صوت رعد يأتي بعده المطر، أو صوت قنبلة أو تفجير، ما تدري.
أما الخشية فتكون لمن علم؛ ولذلك جاء في الآية: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾.
قال تعالى : ﴿فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾، كيف هذا؟ جاء ويسعى، وهو يخشى، ومع ذلك تلهيت عنه، وسمى إعراض النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه ماذا؟ تلهيًا؛ لأنك تركت ما يليق بك مع من أقبل عليك، وذهبت إلى من أعرض عنك، وليس مستمعًا لك، ولا منتفعًا بما عندك، فسمَّاه "تلهيًا".
قال: ﴿فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾، و﴿تَلَهَّى﴾ هذه أصله: تتلهى، لكن حذفت التاء تخفيفًا.
(كَلَّا) يعني لا تفعل مثل هذا، وهذه هي أول مرة يقال في القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم كلا.
(إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ) أي: الآيات القرآنية التي أنزلها الله على رسوله تذكر الإنسان بما ينفعه وتحثه عليه.
(فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) أي: فمن شاء ذكر ما نزل من الموعظة فاتعظ وعمل به ومن شاء لم يتعظ ولم يعمل .
﴿فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ﴾، ما الذي في صحف مكرمة؟ هو الذي جاء في قوله: ﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ﴾. أي هذا موضوع في صحف مكرمة قد أعلى الله شأنها وكرَّمها.
المقصود هو القرآن الكريم
﴿مَّرْفُوعَةٍ﴾؛ أي قد رفعت رفعًا حسيًّا، ورفعًا معنويًّا، ولذلك يستفيد العلماء من هذا أن كتاب الله ينبغي أن يكون دائمًا مرفوعًا. عندما يكون مع الكتب يُرفَع، لما يكون في الأدراج، يوضع في الرف الأرفع تقديرًا له وتعظيمًا، كما أنه في اللوح المحفوظ -أيضًا- مرفوع فوق كل كلام، وكل شيء موجود في ذلك اللوح.
﴿مُّطَهَّرَةٍ﴾؛ أي لا يصيبها شيء من الدنس، ولا يصيبها شيء من الزيادة أو النقص أو التحريف أو التبديل أو التغيير.
منزهة لا يمسها إلا المطهرون، مصونة عن الشياطين والكفار.
الصحف جمع صحائف، و الصحائف جمع صحيفة، وهي ما يكتب فيه القول.
﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾، من السفرة هؤلاء؟
الملائكة
نعم قال جمهور المفسرين أنهم الملائكة ؛ لأن هذا الوصف قد جاء بهذه الصورة للملائكة في الحديث النبوي، قال: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران».
(كِرَامٍ) أي: كرام على ربهم، كرام في أخلاقهم، كرام في خلقتهم لأنهم على أحسن خلقة وعلى أحسن خلق، كثيرو الخير و البركة.
(بَرَرَةٍ) جمع بر، وهو كثير الفضل والإحسان.
ولما ذكر الله عز وجل في الآيات السابقة أنه جعل هذا القرآن العظيم محفوظًا ومنزهًا عن التحريف و التبديل، وأن السفراء في إيصال هذا الكتاب هم الرسل الكرام الأقوياء الأتقياء، ولم يجعل للشياطين عليهم سبيلاً وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول.
ذكر سبحانه بعد هذا البيان قبح جريمة الكافر وإفراطه في الكفر والعصيان مع كثرة إحسان الله إليه، وبدأ بذكر ضعف الإنسان ومبدئه ومهانته، ليعرف قدره ويطيع ربه ويصرف العبادة لمستحقها، وأن لا يتكبر و يتجبر.
(قُتِلَ الْإِنْسَانُ).
(قُتِلَ) أي: لعن، وأهلك.
(الْإِنْسَانُ) المراد بالإنسان هنا الكافر خاصة.
(مَا أَكْفَرَهُ) ما{ استفهامية أي: ما الذي أكفره وأهلكه، أو ما أ شد كفره ومعاندته للحق؟
﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾، يبين الله حقيقة هذا الإنسان الذي كفر، وأنه ضعيف، وأن إمكاناته محدودة، وأنه محتاج إلى الله، ومع ذلك يكفر ويستعلي ويكذب بالله وبرسله، ويرد آيات الله -سبحانه وتعالى-.
﴿مِن نُّطْفَةٍ﴾، هذا الإنسان مخلوق من نطفة، والنطفة هي: الماء القليل، وهو هذا الماء الذي خلق منه الإنسان، وهو ماء قليل، أيضًا ماذا؟ قذر، خُلق الإنسان منه، فما الذي جعله يتكبر!
والمراد به هنا ماء الرجل الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب يلقيه في رحم المرأة، فحمل وهو ماء مهين فكيف يتكبر؟
(خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) أي جعله مقدرًا أطوارًا: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة أو قدر أجله، ورزقه، وعمله وشقي أو سعيد.
﴿ثُمَّ السَّبِيلَ﴾؛ أي طريق خروجه من بطن أمه ﴿يَسَّرَهُ﴾.
﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ﴾؛ لأن بين خروجه من بطن أمه وموته في العادة وقتًا طويلًا، عشرًا، أو عشرين، أو ثلاثين، أو ستين سنة.
﴿أَمَاتَهُ﴾؛ أي قدر عليه الموت.
﴿فَأَقْبَرَهُ﴾، لماذا عبر بعد الموت بالفاء، قال: ﴿فَأَقْبَرَهُ﴾؟
لُيبين أن الإقبار يكون بعد الموت مباشرة، ولهذا ممكن نأخذ من هذه حكمًا شرعيًّا وهو استحباب الإسراع بدفن الميت وتجهيزه بعد موته، وعدم التأخر بذلك كما يفعل الناس في هذا الزمان.
(ثُمَّ إِذَا شَاءَ) أي: إذا شاء الله عز وجل.
(أَنْشَرَهُ) أي: بعثه وأحياه يوم النشور ليجازيه على عمله.
﴿كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾، ﴿كَلاَّ﴾ ردع لهذا الإنسان الكافر، ﴿لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ يعني لم يفعل ما أمر به.
قال مجاهد: "يعني ما من أحدٍ يمكن أن يفعلَ كل ما أُمرَ به، بل لا بد أن يُقصِّر الإنسان، وهذا من طبع الإنسان؛ «كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون»".
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) أي فلينظر إلى طعامه من أين جاء؟ ومن جاء به؟ وهل أحد خلقه سوى الله عز وجل؟
وبعد أن ذكر سبحانه البعث والحساب والجزاء، أعاد الإنسان ليتذكر ويتأمل فضل الله عليه، وفي هذا إظهار العظمة لله عز وجل وبيان بعض نعمه على عباده، وأنه المنعم المتفضل نعمه لا تعد ولا تحصى ثم أرشد سبحانه الإنسان إلى النظر والتفكر في طعامه وكيف وصل إليه! وفي هذا استدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة على إحياء الأجسام بعدما كانت عظامًا بالية وترابًا متمزقًا قال تعالى:
(أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا) أنزلنا الماء مصبوبًا من السماء، ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا﴾، شققنا الأرض بالنبات، تكون البذرة داخل جوف الأرض، ثم ما تزال -بضعفها- تقاوم وتدخل تدخل حتى تخرج على ظهر الأرض، ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا﴾
(حَبًّا) كالبر والأرز والذرة والشعير، وغير ذلك من الحبوب الكثيرة.
(وَعِنَبًا) وهو معروف، وهو أدم وعصيره أدم.
وهو من أحسن الفواكه وأعظمها أثرًا على صحة الإنسان، وأكثرها لذة، وأكثرها أيضًا سهولة في جنيه وفي أكله
﴿وَقَضْبًا﴾ ما معناها؟ ما معنى قضبًا ؟
العلماء يقولون: القضْب هو ما يُقضَب يعني يُقطَع، فكل النباتات التي تُقطَع ثم تعود تسمى قضبًا، فمنه مثلًا: الخس، والكراث، والقت الذي يُوضع للبهائمِ يُسمى القت أيضًا، كله من القضب.
﴿وَزَيْتُونًا﴾، الزيتون معروف، سواء الزيتون في حَبِّه، أو الزيتون فيما يُعصَر منه ويخرج من زيت.
﴿وَنَخْلًا﴾، هذه النخلة المعروفة .
﴿وَحَدَائِقَ غُلْبًا﴾؛ أي وأشجار غُلب، يقول العلماء: الغُلب: هي ذات الجذوع العريضة، والأفنان الملتفة، تسمى غلب، يعني الأشجار العظيمة.
(وَفَاكِهَةً) يعني: ما يتفكه به الإنسان من أنواع الفواكه، كالتين والعنب والخوخ والرمان وغير ذلك.
(وَأَبًّا) الأب: الكلأ؛ نبات معروف عند العرب ترعاه الإبل.
(مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) يعني: أننا فعلنا ذلك متعة لكم، يقوم بها أودكم، وتتمتعون أيضًا بالتفكه بهذه النعم، وذلك مدعاة إلى النظر في هذا النعيم، وأنه من الواجب شكر المنعم، وبذل الجهد في الإنابة إليه، والإقبال على طاعته، والتصديق بأخباره ثم ذكر الله خاتمة المتاع.
(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ) يعني: صيحة يوم القيامة التي تصخ الآذان أي: تصمها فلا تسمع، وهذا هو النفخ في الصور.
(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) في ذلك اليوم يفر من أعز الناس إليه، وأشفقهم لديه، وأحبهم إليه، لهول ذلك اليوم، يفر من أخيه شقيقه، أو أبيه أو أمه.
(وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) الأم والأب المباشر، والأجداد أيضًا والجدات، يفر من هؤلاء كلهم.
(وَصَاحِبَتِهِ) زوجته.
(وَبَنِيهِ) وهم أقرب الناس إليه وأحب الناس إليه والفرار منهم لا يكون إلا لهول عظيم وخطب فظيع.
وقد بدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه، ثم بالصحابة و البنين لأنهم أحب.
(لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) كل إنسان في ذلك اليوم مشتغل بنفسه لا ينظر إلى غيره، فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين: سعداء وأشقياء، فأما السعداء فهم كما ذكر سبحانه.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) يعني يوم القيامة.
(مُسْفِرَةٌ) من الإسفار وهو الوضوح؛ لأن وجوه المؤمنين تسفر عما في قلوبهم من السرور والانشراح والبهجة مما عرفوا من نجاتهم وفوزهم بالنعيم.
(ضَاحِكَةٌ) يعني متبسمة، وهذا من كمال سرورهم.
(مُسْتَبْشِرَةٌ) أي: قد بشرت بالخير.
(وَوُجُوهٌ) أي: وجوه الأشقياء، وهذا هو حال الفريق الثاني.
(يَوْمَئِذٍ) يعني يوم القيامة.
(عَلَيْهَا غَبَرَةٌ) أي: شيء كالغبار؛ لأنها ذميمة قبيحة.
(تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) أي: يغشاها ظلمة وسواد.
(أُولَئِكَ) الذين هذا وصفهم.
(هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) أي: الذين جمعوا بين الكفر والفجور، والفجرة هم الفاسقون الكاذبون.
والفرق بين الوصفين: أن الكفر قلبي، والفجور عملي.
فجمع لهم بين الوصفين فقال: ﴿أَوْلَئِكَ هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَةُ﴾.
وبهذا نكون ولله الحمد وقفنا على تفسير لسورة عبس
هناك تعليقان (2):
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا اشكركن على حسن نيتكن وعلى مجهودكن الجبار وعلى تعبكن جميعكن بدون أستثناء
والله يجعل ذلك في موازين حسناتكن وجزاكن الله خبرا
ثانيا انا كفتاة عادية ارغب بشدة في تعلم امور الدين والامور الفقهية وحتى كيفية قراءة القران قراءة صحيحة من حيث التجويد والترتيل ..بل كان لدي حلم بان اتخرج مثل زميلاتي بالفصل معلمات تحفيظ او اخذ شهادة بكلريوس في علوم الدين ...رغم حلمي ورغم شطارتي ونسبتي العالية ورغم كوني غير عربية لم استطع ان اكمل اي شي بعد الثنوية
بسبب ظروف قدر الله وما شاء فعل ومن ذاك الحين للان
اريد ان اتعلم عن الفران وتفسيرها رغم انني قد اخذت هذه الدرس عندما كنت في المتوسطة...استرجعت اشياء عدة ....واستفدت كثيرا من دروسكن ...ما اقول غير وفقكن المولى لما يحبه ويرضى...واسعدكن في الدنيا والاخرة...اختكن بسومة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وإياكِ ..
نرحب بك في تطبيق التلجرام حيث ستقام دروس في باب الطهارة والصلاة في قروب فقهيات ابتداء من يوم السبت .
رقمنا :
00966535248309
سنغلق الانضمام للقروب يوم الجمعة ننتظر قدومك وتسجيلك .. لو رغبتي في ذلك ..
إرسال تعليق