الاثنين، 22 سبتمبر 2014

اللقاء التاسع | تدارس |

'

لقاءات مجموعة | تدارس 📚 |
 في تطبيق لاين [line] 
الدرس التاسع :




[ سورة التكوير ]

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ * فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْش مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .

اليوم حديثنا عن سورة التكوير
مكية أم مدنية ؟
سورة التكوير سورة مكية، نزلت في مكة، ذكر الله عز وجل فيها آيات وعظات وعبرًا، وجعل التفكير في عجائب صنعه وعظيم خلقه من العبادة العظيمة؛ فإنه سبحانه خلق هذا الكون العظيم بنظام دقيق متناسق لا خلل فيه ولا اضطراب، وذلك من أعظم آيات الله عز وجل وجعل لهذا النظام الدقيق والصنع البديع أجلاً ينتهي إليه حيث تتغير السموات والأرض وتفسد تلك الأجرام الهائلة، وتتغير بعض الكائنات وكل ذلك مؤذن ببدء حياة جديدة هي اليوم الآخر، ذكرها سبحانه في هذه الآيات مبينًا لأهوال القيامة، وما يكون فيها من الشدائد والكوارث، وما يعتري الكون والوجود من مظاهر التغيير والتخريب.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين، فليقرأ {إذا الشمس كورت} و {إذا السماء انفطرت} و {إذا السماء انشقت}  رواه الترمذي.

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} ما معنى كورت ؟!
أي: جمعت ولفت، وجعلت مثل شكل الكرة، وهذا يكون يوم القيامة .
{وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} انكدرت ؟!
{وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} يعني: تساقطت من أفلاكها، وتناثرت، وقيل: طمس نورها.
{وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} أي: أن هذه الجبال العظيمة الصلبة العالية الرفيعة تكون هباء يوم القيامة، تزول عن أماكنها وتسير.

وهذا مما يدل على عظمة الله وعلى هول يوم القيامة الشمس تلف والنجوم تتساقط وتنطفىء والجبال تُسير وتكون كالهباء .

{وَإِذَا الْعِشَارُ} ما هي العشار؟!
العشار جمع عشراء، وهي الناقة الحامل التي تم لحملها عشر أشهر وهي من أنفس الأموال عند العرب؛ لأنها مرجوة الولد واللبن قريبة النفع.

{عُطِّلَتْ} أي: تركت هملاً بلا راع مع نفاستها وعظم قدرها، وذلك لما شاهدوا من الهول العظيم.

وذكرت الإبل دون غيرها لأن الإبل لها قيمة عند العرب يفتخرون بها وينتفعون بها فما كانوا يتركونها ولذلك ذكرت هنا فهم من شدة هول القيامة يتركونها برغم أنها كانت من أنفس أموالهم .

{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} الوحوش جمع وحش، والمراد بها جميع الدواب، بعثت وجمعت ليوم القيامة حتى يقتص لبعضها من بعض، وقيل: حشرها موتها.

{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} ما معنى سجرت ؟!
البحار جمع بحر، وجمعت لعظمتها وكثرتها، هذه البحار العظيمة إذا كان يوم القيامة فإنها تسجر، أي توقد نارًا تشتعل نارًا عظيمة وحينئذ تيبس.

{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} ما معنى زوجت ؟!

النفوس جمع نفس، والمراد بها نفوس الناس كلها فتزوج النفوس يعني يُضم كل صنف إلى صنفه، وقال الحسن، ألحق كل امرئ بشيعته: اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، والمنافقون بالمنافقين، ويلحق المؤمنون بالمؤمنين.

{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} الموؤدة: هي الأنثى تدفن حية تُسأل يوم القيامة سؤال تطييب لها وتبكيت لوائدها، وكانت العرب إذا ولدت لأحدهم بنت دفنها حية مخافة العار أو الفقر.
{بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} هل أذنبت؟ يوبخ قاتلها بسؤالها لأنها قتلت بغير ذنب فعلته.

{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} الصحف جمع صحيفة، وهي ما يكتب فيه الأعمال، تنشر وتفتح وتعرض للحساب.
{وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} هذه السماء العظيمة تكشط، يعني تزال عن مكانها.
{وَإِذَا الْجَحِيمُ} الجحيم اسم من أسماء النار، وسميت بذلك لبعد قعرها وظلمة مرءاها.
{سُعِّرَتْ} أي: أوقد عليها فاستعرت، والتهبت التهابًا لم يكن لها قبل ذلك.
{وَإِذَا الْجَنَّةُ} الجنة دار المتقين.
{أُزْلِفَتْ} يعني: قربت وزينت للمؤمنين.

قيل هذه الأمور الاثنا عشر ست منها في الدنيا، وهي من أول السورة إلى قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} وست في الآخرة وهي: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} إلى هنا.

{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} أي: كل نفس تعلم في هذا اليوم الهائل ما معها وما لها وما عليها، تعلم كل نفس ما قدمته من خير وشر.

ولما ذكر الله عز وجل هذه الأحوال العظيمة، والوقائع المتتالية الرهيبة أقسم عز وجل بمخلوقاته على صدق رسوله r، وأن ما نزل عليه إنما هو من كلام الله سبحانه وتعالى وليس من كلام المخلوقين كما يدعي المشركون.

ولما ذكر الله عز وجل هذه الأحوال العظيمة، والوقائع المتتالية الرهيبة أقسم عز وجل بمخلوقاته على صدق رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن ما نزل عليه إنما هو من كلام الله سبحانه وتعالى وليس من كلام المخلوقين كما يدعي المشركون.

{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِي الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْش مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .

{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ}.
{فَلَا أُقْسِمُ} أي: أقسم بالخنس.
{بِالْخُنَّسِ} الخنس: جمع خانسة، وهي النجوم التي تخنس، أي رجع، فبينما تراها في أعلى الأفق، إذا بها راجعة إلى آخر الأفق فهي تختفي في أول الليل، فلا تظهر إلا بعد الظلمة.
{الْجَوَارِي} النجوم التي تجري في أفلاكها.
{الْكُنَّسِ} النجوم التي تدخل في النهار إذا طلع، كما يدخل الظبي في "كناسه" أي: بيته.
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} أي: إذا أقبل بظلامه وقيل: أدبر.
{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} أي: طلع وأقبل بروح ونسيم، وعم بنوره الأرض، فيكون الله أقسم بالليل حال إقباله، وبالنهار حال إقباله.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}
{إِنَّهُ} أي: القرآن.

{لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} هو جبريل عليه الصلاة والسلام أشرف الملائكة عند الله تعالى، نزل به من الله تعالى، ووصفه الله بالكريم لكرم أخلاقه وكثرة خصاله الحميدة، فإنه أفضل الملائكة وأعظمهم رتبة عند ربه.
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْش مَكِينٍ}.
{ذِي قُوَّةٍ} وصفه الله تعالى بالقوة العظيمة والقدرة العالية.
{عِنْدَ ذِي الْعَرْش} أي: عند صاحب العرش وهو الله جل وعلا والعرش فوق كل شيء، وفوق العرش رب العالمين عز وجل.
{مَكِينٍ} أي ذي مكانة، أي أن جبريل عند الله ذو مكانة رفيعة وشرف عظيم.
{مُطَاعٍ} أي: جبريل مطاع في الملأ الأعلى هناك بين الملائكة يرجعون إليه ويطيعونه.
{ثَمَّ أَمِينٍ} وهو كذلك أمين على ما كلف به من الوحي, فلا يزيد ولما ذكر الله عز وجل فضل الرسول الملكي جبريل الذي جاء بالقرآن ذكر فضل الرسول البشري الذي نزل عليه القرآن ودعا إليه الناس.

{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} أي محمد رسول الله يعني ليس مجنونًا كما تزعمون يا أهل مكة، وذكر محمدًا بوصف الصحبة للإشعار بأنهم عالمون بأمره وبأنه أعقل الناس وأكملهم.
{وَلَقَدْ رَآهُ} أي: رأى محمد جبريل عليه السلام في صورته له ست مائة جناح.
{بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} الأفق جانب السماء العظيم.
{وَمَا هُوَ} يعني: ما محمد .
{عَلَى الْغَيْبِ} يعني: على القرآن والوحي الذي جاءه من عند الله .
{بِضَنِينٍ} أي: ببخيل، لا يبخل بالوحي، ولا يقصر في التبليغ، بل يعلم الخلق كلام الله وأحكامه.
ولما ذكر سبحانه جلاله كتابه وفضله بذكر الرسولين الكريمين اللذين وصل إلى الناس على أيديهما، وأثنى الله عليهما بما أثنى، دفع عن هذا الكتاب المنزل كل آفة, ونقص مما يقدح في صدقه، فقال سبحانه.
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} أي: ليس القرآن بقول أحد من الشياطين المسترقة للسمع المرجومة بالشهب.
{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} أي: طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم ووضحت لكم.
{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} أي: القرآن، إلا موعظة وتذكير والمراد بالعالمين من بعث إليهم رسول الله .
{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} .
{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ} لمن أراد منكم .
{أَنْ يَسْتَقِيمَ} الاستقامة هي الاعتدال لا يميل يمينًا ولا شمالا أن يستقيم على هدى الله في الطريق إليه، بعد هذا البيان، الذي يكشف كل شبهة وينفي كل ريبة، ويسقط كل عذر .
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} يعني لا يمكن أن تشاؤا شيئًا, ومنه الاستقامة ولا تقدرون على ذلك، إلا وقد شاءه الله من قبل وقدره .
{رَبُّ الْعَالَمِينَ} إشارة إلى عموم ربوبية الله .

وهنا نصل لختام سورة التكوير نسأل الله أن يرزقنا تدبر كتابه .

ليست هناك تعليقات: