وقفات مع القرآن 🌱
•• وقفة تدبر -
قال تعالى:
﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالحآ )
إذاً التوبة من لوازمها الإيمان والعمل الصالح.
قال تعالى:
﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا 70) ﴾
( سورة الفرقان)
أوجه ما في هذه الآية تبديل السيئات حسنات في الدنيا، فخذ إنساناً وهو جاهل قبل أن يؤمن، قبل أن يعرف الله عزَّ وجل، هذا الإنسان منحرف في أخلاقه، نظرته إلى النساء، لسانه في الغيبة والنميمة وقول الزور والبهتان والإفك والاستهزاء والفُحش والكذب، يده تبطش، عينه تزني، أذنه تزني، هذا الإنسان يأكل مال الناس بالباطل، يستعلي عليهم، هذه كلُّها سيِّئات، هو نفسه لو أنه عرف الله عزَّ وجل وتاب إليه توبةً نصوح، واستقام على أمره، يصبح متواضعاً، يصبح عفيفاً، يصبح وقَّافاً عند كتاب الله، يجعل دخله حلالاً، يضبط لسانه، كان يقسو على زوجته فأصبح رحيماً بها، كان يقسو على زبائنه فأصبح رحيماً بهم، كان يستعلي على من هو دونه، فأصبح يتواضع له، إذاً كل موقف سيئ في الجاهلية، بعد أن عرف الله واستقام على أمره وتاب توبةً نصوحاً، أصبح هذا الموقف حسنةً بعد الإيمان.
أما من يتوهم أن السيئات تنقلب إلى حسنات وأن الإنسان يوم القيامة يقول: يا ليتني أكثرت من السيئات لأنها أصبحت حسنات، هذا المعنى لا يستقيم، لكنه في الدنيا حينما يتوب إلى الله عزَّ وجل توبةً نصوحاً يبدل الله سيئاته حسنات، أي يهذب مشاعره، ويسمو قلبه، تسمو نفسه، تسمو أعضاؤه، يستقيم لسانه، تستقيم جوارحه، يطهر قلبه، يصبح عفيفاً، متجملاً، صبوراً، حليماً، متواضعاً، كل سيئاته من كبر، من استعلاء، من فحش، من بذاءة، من غيبة، من نميمة، من أكل مال بالحرام، كل هذه السيئات تنقلب إلى حسنات.
﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ﴾
لن تكون توبتك صحيحةً ولا مقبولةً إلا إذا تبدَّل عملك من عملٍ سيِّئ إلى عملٍ صالح:
لكن الآية الثانية وقف عندها العلماء في حيرة:
﴿ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)﴾
هذه متاباً مصدر، أي يتوب توبةً، والمصدر يأتي لتأكيد فعله، وكلَّم الله موسى تكليماً، أكلت أكلاً، نجحت نجاحاً، فربنا عزَّ وجل يؤكد أنه:
﴿ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) ﴾
( سورة الفرقان)
أي لن تكون توبتك صحيحةً ولا نصوحاً ولا مقبولةً إلا إذا تبدَّل عملك من عملٍ سيِّئ إلى عملٍ صالح، لو ادَّعيت أنك تائب هذه التوبة لا قيمة لها، علامة التوبة الصحيحة أن هناك تبدُّلاً جذرياً يطرأ على عملك، كانت أقوالك غير سديدة أصبحت سديدة، كان الكذب يفشو في حديثك فأصبح الصدق مكان الكذب، فإياك أن تظن أن توبتك نصوح، أو أن التوبة مقبولة، أو أن التوبة صحيحة ما لم يطرأ تبدلٌ جذريٌ على عملك، قال تعالى:
﴿ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) ﴾
هذه هي التوبة الصحيحة المقبولة، هذا هو المعنى.
🌌 مجموعة هذه سبيلي الدعوية
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق