الثلاثاء، 11 مارس 2014

أنتِ الأمل ..


..


[ أنتِ الأمل ]



دورة أنتِ الأمل ||  إعداد الدعية : أم عمارة

سلامٌ عبقٌ نديّ يحِفُ أرواحكُنَّ من كُلِّ اتجاه 
سلامٌ يزرعُ الأمل في قُلوبكُنْ حتى تُصبِحْنَّ أنتنَّ الأمل ذاته !
سلامٌ يرتقي بِكُنَّ إلى أطهرِ ما في الكَونْ ..
 
فـ السلامٌ عليكُن ورحمة الله وبركاته ..
 أُختاه *
أنتِ الأمل .. !
أنتِ الأمل حينما فُقِدَ الأمل ..
أنتِ زهورٌ أينعتْ ترفُض ألاعيب الهزل ..
أنتِ العزيزةُ يا أملْ .. في القلوبِ لكِ محلْ ..
بحقكِ القرآن نزل ..
 
أنتِ العزيزةُ حينما العِزُّ اضمحل ..
أنتِ الكريمةُ وبساحتكِ الكرم حصلْ ..
أنتِ العفيفةُ وأخلاقكِ بالعفة تدُّلْ ..
فيكِ الفضيلة أشرقت بنورها الباهي تطلْ ..
 
 
* أُختاه *
يا مربية الأجيال يا صانعة الرجال وَ يا أخت الأبطال ..
إن ذُكرَ المجدُ فأنتِ رأسه ، وإن تفاخروا بنجومِ ليلٍ فأنتِ قمره ولصحوٍ فأنتِ شمسه .. !
هذه رسائل أهديها إليك ، وَ ورود أنثرها بين يديكِ ، ثمار أرجو أن تستطيبي طعمها وإن وجدت في إحداهن مرارةً .
{ ..فاعذُريني مقدماً .. } !
فالعجلة في القطاف أورثت ما تجدين أو قد تكون مرارة الدواء التي يعقبها الشفاء بإذن الله .. !
 
و لن تغرق سفينة الحياة في بحر من اليأس طالما هناك ~.. مجد اسمه الأمل ..~ !
 
 
أهلًا بالأمل !
 
كثيرات هن اللواتي يعشن بلا أمل ولا هدف ولا عمل .. 
تحب الإسلام ، الله ، والرسول ﷺ 
تحب الخير لمن حولها .. تلك الفتاة 
الخيرة الصافية النقية لا تفيد الأمة إلا في نفسها
ما لم تخطو بعزم وثقة بالله لتثبت لله حبها له ولدينه ورسوله ﷺ 
{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
آل عمران - الآية 31
إن نواة الحب هذه التي في داخلكِ
هي الإجابية عندكِ لابد أن تسقى بالهمة و تثمر عملاً و واقعا تلتمسين
ثماره المباركة ويلتمسها من حولكِ !





~ نأتي للسؤال الآن الإيجابية ...
-  ماذا تعني ؟
 
الإيجابية أخيتي الغالية ،
هي أن تُنمي أسمى ما لديك لا تعطلي ما وهبك الله من قدرات وإمكانيات من علم وشهادات ، ومكانة .
 هي أن تسلكي الطريق الصحيح وهو منهج الإسلام ،
 وترتقي بنفسك في المعالي وتحسني علاقتك مع ربك ، ومع الناس .
وتكوني مباركة أينما كنتِ كالغيث أينما حل نفع .
وتكوني قدوة صالحة يقتدى بها في حشمتها ، وحيائها ، وخلقها الحسن .
الإيجابية بأن تثقي بربك ثم بنفسك ومهاراتك ،
وتتميزي بما وهبك الله من النعم التي لا تعد ولا تحصى وتعطيها حقها من حسن الشكر .
الإيجابية في الحياة منهج ، ومفتاح من مفاتيح النجاح والتميز .
- مرة أخرى :
 ( المسلم كالغيث أينما حل نفع )
ذلك المؤمن أو تلك المؤمنة التي قادتها أقدار الله لتقيم بين ديار الكفر والفجور !
هي الغيث لأرضٍ هامدة تهتز وتربوا بعدها تاركةً خلفها آلآلف الداعيات فقط
لأنها بلغت الإسلام بأروع صورة ، تركت خلفها وقفاً عظيماً، 
ليس بئر ماء ولا كتب علم بل أعظم من ذلك بشر وقفٌ لها  ،
إن صلى أو صام أو حج أو زكى فلها أجره والحسنة بعشر أمثالها .
 
فكيف لو دعا إلى الله ؟!
لكِ أن تتخيلين ذلك الفضل العظيم 
و الله يمتدح الدعاة إليه :
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }
فصلت - الآية 33





~ أين أثرك يا أمل الأمة ؟!
 
كل من سار على هذه الأرض ترك أثراً وعلامة تدل على مروره على هذه الأرض ! 
فإن سرت على الرمال بدت آثار قدمك ، وإن تجولت في حديقة ظهرت علامات طريقك !!
حبيبتي :
إنك أعلى وأسمى من أن تمري مرور لا يليق بكِ !
كثير هم الذين يلهثون وراء الشهوات وزخرف الدنيا الفاني
ثم يهلكون ويوسدون التراب عما قريب بلا عمل ولا علم ولا أثر 
ولو سألتك الآن من جماعتك مات كثير من الأفراد ذكوراً وأناث !
فمن ترك منهم أثر ذكر به رغم أنف كل حاسد وحاقد ومبغض ،
لم يمر مروراً عادياً بل ذكر وذكرت بالخير وإن كان يسير !
والبعض ينسون ولا يذكرون لأنهم لم يقدموا للأمة شيء 
إن أمة محمد شاهدة على الناس ولا تجتمع على ضلالة 
أمتنا لا تتنكر لأبائها وبناتها المخلصون بل يذكرون ويُعلى شأنهم وذكرهم في الدارين  فماذا قدمنا لأمتنا .
كأني بك أختي تقولين إنني أحب الله جداً ، وأحب دين الله  ، وأحب رسولي وحبيبي ﷺ
وأحلم أن أضع بصمتي في المجتمع ، ولكن كيف لي بالوصول إليه وأنا لست مؤهلة لذلك ؟!!
 
تعالي معي لأرشدك لذلك بعدة خطوات :
 لعلها تفيدك لتكملي معنا مشوارنا الدعوي في هذه الدورة نسأل الله القبول لنا ولكِ  .
١ - أزرعي الفكرة :
بأنك داعية لله وقادرة على العطاء ، 
ويكفيك أن الله أهدى لك الحياة وجعلكِ في متسع فقدمي لنفسكِ واحسني الظن بالله .
٢ - كوني عارفة : 
بما تقدمين ومستعدة ، ولا تتوقعي أن تكوني منجزة وأنت لا تعرفين ولا تتقنين .
٣ - تجنبي شتم الحظ منك :
أنا مالي حظ .. أنا سلبية .. أنا ... أنا ... بل قولي أنا موفقة بإذن الله .. أنا مبدعة .. أنا إيجابية .
٤ - خططي جيداً : 
فالتخطيط دليل الرؤية الواضحة .. وكذلك يجعل العمل منظماً .
 ٥ - تصرفي بثقة :
 انتبهي من الإحباطات واطرديها ، وتذكري أن الإنسان الناجح
هو الذي يستطيع أن يتخذ من نجاحاته درع دون تخذيل الناس له واتهاماتهم له .
٦ - رافقي المبدعات المميزات الداعيات العاملات :
الرفقة مؤثرة جداً لا تنقل العادات فقط بل المشاعر والطاقات ، فكوني دائماً معهم .
٧ - الرغبة النية الصادقة :
 هي أساس التحفيز ، وكذلك التصميم ، والعزم ، والإلتزام بالسعي الجاد بدون توقف وراء الهدف
سيمكنك من الوصول إلى الإيجابية والتميز الذي تبحثين عنه 
٨ - الدعاء :
وسؤال الله العون على طاعته ومرضاته وهداية خلقه ثم استبشري خيراً ()
 
 
الله عز وجل رحمته وسعت كل شيء ، ومن رحمته بعباده أن أرسل إليهم الرسل ،
وأنزل عليهم الكتب ، يُعَرِّفونهم بربهم ، وخالقهم ، ورازقهم ، ويبينون لهم ما يرضيه ،
ويدعونهم إلى طاعته وعبادته وحده لا شريك له ، 
وما أعد الله من الثواب لمن أطاعه ، ومن العقاب لمن عصاه :
{فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل/36]. 
وكلما ضعف الإيمان ووقع الناس في الشرك أرسل الله رسولاً 
يدعوهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده ، وتتابع إرسال الرسل .
وكان كل رسول يُبعث إلى قومه خاصة ، حتى ختم الله النبوة والرسالة بخاتم الأنبياء
وسيد المرسلين نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم .
 
اصطفى الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم- ، وأرسله بالهدى ودين الحق إلى الناس كافة ،
فبلَّغ الرسالة ، وأدَّى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في سبيل الله ،
وترك الأمة على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
لما كان عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء والمرسلين وآخرهم ، وأمته أفضل الأمم وآخرها ، 
أعطاها الله عز وجل وظيفة الأنبياء والرسل .
 
فقد قام - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الله ، في أرض معلومة وهي جزيرة العرب ،
وفي زمن معلوم وقدره ثلاث وعشرون سنة ، شاملاً بدعوته ما استطاع من أهل عصره ،
مبتدئاً بدعوة أهله ، ثم عشيرته الأقربين ، ثم قومه ، ثم أهل مكة وما حولها ، ثم العرب قاطبة ،
ثم الناس كافة ، مبيناً أنه رسول الله إلى الناس كافة ، وأنه رحمة للعالمين ، فدخل الناس في دين الله أفواجاً .
قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/28].
 وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}].







*وريثة الأنبياء الداعية إلى الله ~
 
الدعوة إلى الله وظيفةٌ من أشرف الوظائف ، ومهمةٌ من أعظم المهمات .
كيف لا ؟ 
وهي وظيفة الأنبياء والرسل ومهمة كل من أراد الله به خيراً ورفعةً وسعادةً في الدنيا والآخرة ،
تأكدي من ذلك أنه متى ما أراد الله بكِ خيراً وفقكِ للدعوة إليه '
ولا أعظم وصفاً ولا أصدق قولاً من قول ربنا :
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }
فصلت - الآية 33
 
 قال الحسن البصري عند هذه الآية :
" هو المؤمن أجاب الله في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته وعمل صالحاً في إجابته ،
فهذا حبيب الله .. هذا ولي الله ... "أ.هـ .
 فمقام الدعوة من أشرف المقامات ، فيا خسارة من قامت حياته ،
 وذهبت أيامه ولم يكن له نصيب من هذه العبادة العظيمة ،
 
حبيبتي :
  تداركِ أيامكِ واضربي بسهم في هذا الميدان المبارك بعلمك ِ
أو بجهدكِ أو بمالكِ أو برأيكِ على قدر استطاعتك حتى تنالي هذا الشرف العظيم .
 






كلنا مكلف !
 
دعوة البشرية واجب الأمة :
ولما أعطى الله عز وجل هذه الأمة وأكرمها بوظيفة الأنبياء والرسل
 وهي الدعوة إلى الله فقد أبقى الله من البلاد والعباد ما يكون ميداناً لدعوتها في مشارق الأرض ومغاربها ،
إلى أن تقوم الساعة .
وقد اجتهد عليه الصلاة والسلام على أصحابه رضي الله عنهم حتى جاء فيهم أمران :
إقامة الدين في حياتهم ، وفي حياة الناس ، وعلموا أن بقية البلاد والعباد مسؤولية أمته إلى قيام الساعة .
 
وأن المسلم والمسلمة محاسبة على ترك المقصد الانفرادي وهو العبادة ،
ومحاسبة على ترك المقصد الاجتماعي وهو الدعوة ، حتى يتوفاه الله عز وجل .
قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران/110].
 وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}...
[آل عمران/104].
 
 وقال الله تعالى:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 
 
- البصيرة في ثلاثة: 
العلم قبل الدعوة ، واللين مع الدعوة ، والصبر بعد الدعوة .
- وقد تلقى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منه وسائل وأساليب الدعوة ،
وتحملوا مسؤولية الدعوة بعده عليه الصلاة والسلام ، فَضَحَّوا براحتهم وشهواتهم ،
 وتركوا ديارهم ، وبذلوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم لنشر الدين في العالم .
فساروا دعاة إلى الله عز وجل ، يحملون لا إله إلا الله لتدخل كل بيت في مشارق الأرض ومغاربها ،
 في الشام والعراق .. وفي مصر وشمال أفريقيا .. وفي روسيا وما وراء النهر .. وفي غيرها .
 
وفُتحت هذه البلاد .. وانتشر فيها الإسلام .. وحل فيها التوحيد بدل الشرك ..
والإيمان بدل الكفر .. وظهر فيها من العلماء والدعاة .. والعُبَّاد والزُّهَّاد .. 
والصالحين والمجاهدين ما تَقرُّ به عين كل مسلم .
أولئك خير القرون .. أولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ، أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه :
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)}
 









تـزودي !
 
أنا هنا فقط أعرض لكِ ملامح لأهمية التزود 
وإلا فحصره يطول ولعل الله ييسر لي ولكِ ونتناقش فيه فيما بعد .
 
"زاد الداعية في دعوة إلى الله 
هو الزاد لكل مسلم ومسلمة لأننا اتفقنا في ما سبق أن كلنا مكلف !
" والزاد هو ما بيننا وبين الله عز وجل في قوله :
{وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ } .
 
هي تقوى الله  ـ عز وجل ـ  التي كرر الله تعالى ذكرها في القرآن أمراً ،
وثناء على من قام بها وبياناً لثوابه ، وغير ذلك من أساليب الكلام : 
{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَـوَتُ وَالاَْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين.    *
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَـظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَـفِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ *
 وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ
وَجناتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَـرُ خَـلِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـمِلِينَ} .
 
ربما تقولين :
 ما هي التقوى؟
هنا سؤال
فالجواب : ما أثر عن طلق بن حبيب رحمه الله حيث قال :
( التقوى أن تعمل بطاعة الله ، على نور من الله ، ترجو ثواب الله ) .
فجمع في هذه العبارات بين العلم ، والعمل ، واحتساب الثواب ، والخوف من العقاب فهذه هي التقوى .
وإننا نعلم جميعاً أن الدعاة إلى الله  ـ أولى الناس أن يتحلى بهذا الخلق بتقوى الله في السر والعلن .
 
 وإنني ذاكرة بمعونة الله عز وجل في هذا المقام ما يتعلق بالداعية وما ينبغي أن يتزود به
فتعالي معي أرسم لكِ خارطة الطريق ، 
وأضع لكِ علامات وإشارات على المهم أن تقفي عنده وعليه في بعضه لا كله ..! 
 
 الزاد الأول:
أن تكون الداعية على علم فيما تدعو إليه ، 
على علم صحيح مرتكز على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم،
لأن كل علم يتلقى من سواهما فإنه يجب أن يعرض عليهما أولاً ،
وبعد عرضه فإما أن يكون موافقاً أو مخالفاً .
فإن كان موافقاً قُبل ، وإن كان مخالفاً وجب رده على قائله كائناً من كان ،
 فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ،
 أقول : قال رسول الله وتقولون : قال أبو بكر وعمر ) .
 
إذا كان هذا في قول أبي بكر وعمر الذي يُعارض به قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم ،
فما بالكم بقول من دونهما في العلم والتقوى والصحبة والخلافة ؟!
إن ردَّ قوله إذا خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم ، من باب أولى ،
ولقد قال عز وجل : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَـلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. (النور: 63) .
 
قال الإمام أحمد رحمه الله: " أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة الشرك ،
 لعله إذا ردّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك" .
 
وإن أول زاد تتزود به الداعية إلى الله عز وجل أن تكون على علم مستمد من كتاب الله تعالى ،
ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم ، الصحيحة المقبولة ، وأما الدعوة بدون علم فإنها دعوة على جهل ،
والدعوة على الجهل ضررها أكبر من نفعها ، لأن هذا الداعية قد نصب نفسه موجهة ومرشدة
فإذا كانت جاهلة فإنها بذلك تكون ضالة مضلة والعياذ بالله ، ويكون جهلها هذا جهلاً مركباً  ،
والجهل المركب أشد من الجهل البسيط ، فالجهل البسيط يمسك صاحبه ولا يتكلم ، ويمكن رفعه بالتعلم ،
ولكن المشكلة كل المشكلة في حال الجهل المركب ،
 إنها لن تسكت بل ستتكلم ولو عن جهل وحينئذ يكون مدمرة أكثر مما تكون منورة .
 
حبيبتي :
إن الدعوة إلى الله على غير علم خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم ، ومن اتبعه ،
استمعوا إلى قول الله تعالى آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلّم ، حيث قال :
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (يوسف: 108) .
 
 وقال : {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } ،
أي أن من اتبعه ، صلى الله عليه وسلّم ، فإنه لابد أن يدعو إلى الله على بصيرة لا على جهل .
 
 
 
وتـأمـلي معي أيتها الداعية لله
 
قول الله تعالى : {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 
أي على بصيرة في ثلاثة أمور :
 
- الأول : على بصيرة فيما تدعين إليه ، بأن تكون عالمة بالحكم في هذه المسألة أي  فيما تدعين إليه ؛
لأنك قد تدعين إلى شيء تظنين أنه واجباً ، وهو في شرع الله غير واجب
 فتلزمي عباد الله بما لم يلزمهم الله به ، وقد تدعين إلى ترك شيء تظنيه محرماً ،
وهو في دين الله غير محرم فتحرمي على عباد الله ما أحله الله لهم .
 
- الثاني : على بصيرة في حال الدعوة ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلّم ، 
معاذاً إلى اليمن قال له : ( إنك تأتي قوما من أهل الكتاب) رواه مسلم .
ليعرف حالهم ويستعد لهم . 
فلابد أن تعلمي حال هذا المدعو :
 ما مستواه العلمي ؟
 وما مستواه الجدلي ؟
هنا سؤال :
حتى تتأهب له فتناقشه وتجادله ، لأنك إذا دخلت مع مثل هذا في جدال
وكان عليك لقوة جدله صار في هذا نكبة عظيمة على الحق وأنتِ سببها ،
ولا تظني أن صاحب الباطل يخفق بكل حال فإن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، قال :
 ( إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه) رواه مسلم .
 
فهذا يدل على أن المخاصم وإن كان مبطلاً قد يكون ألحن بحجته من آخر
فيُقضى بحسب ما تكلم به هذا المخاصم فلابد أن تكون عالماً بحال المدعو .
 
- الثالث:
على بصيرة في كيفية الدعوة قال الله تعالى :
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَـدِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }.
* وبعض الناس قد يجد المنكر فيهجم عليه ،
ولا يفكر في العواقب الناتجة عن ذلك لا بالنسبة له وحده ،
 ولكن بالنسبة له ولنظرائه من الدعاة إلى الحق ،
لذا يجب على الداعية قبل أن تتحرك أن تنظر إلى النتائج وتقيس ،
 قد يكون في تلك الساعة ما يطفي لهيب غيرتها لله فيما تصنع ،
لكن هناك تصرف قد يقضي على المنكر تماماً ؛ 
لهذا أحث أخواتي النشيطات في مجال الدعوة على استعمال الحكمة والتأني ، 
والأمر وإن تأخر قليلاً لكن العاقبة حميدة بمشيئة الله تعالى .
 
وإذا كان هذا أعني تزود الداعية بالعلم الصحيح المبني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم ،
هو مدلول النصوص الشرعية فإنه كذلك مدلول العقول الصريحة التي ليس فيها شبهات ولا شهوات ،
 لأنك كيف تدعو إلى الله ـ عز وجل ـ وأنت لا تعلم الطريق الموصل إليه ،
 لا تعلم شريعته كيف يصح أن تكون داعية ؟!
فإذا لم يكن الإنسان ذا علم فإن الأولى به أن يتعلم أولاً ، ثم يدعو ثانياً .
 
قد تقول قائلة : هل قولكِ هذا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلّم :
 (بلغوا عني ولو آية) رواه البخاري .
 
فالجواب :
 لا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلّم ، يقول : (بلغوا عني)
إذاً فلابد أن يكون ما نبلغه قد صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ،
هذا هو ما نريده ، ولسنا عندما نقول إن الداعية محتاج إلى العلم لسنا نقول إنك لابد
أن تبلغي شوطاً بعيداً في العلم ، ولكننا نقول لا تدعين إلا بما تعلمين فقط ولا تتتكلمي بما لا تعلمين !
 







تــفـاءلي 
 
لأن الثقة بالله تحطم أسوار اليأس .
وتسمَّعي لكلام المثبطين لكِ وكأنه هتاف مشجعين ومؤيدين لكِ
تــفـاءلي * 
واجعلي الأمل هو أول خطواتك .. وسر ابداعاتك ونجاحك .. تخطي بهدوء وحاولي قدر الإمكانيات لديكِ 
وابتعاد عن الشوائك ما ستطعتي .. ستواجهك عقبات و عوائق ..
فحذاري أن تبتئسي وتفقدي الأمل .. 
بل حاولي الخروج منها والإبتعاد عنها من أي طريق ولكن !!
بالاتباع لمنهج النبوة وتحكيم العقل ..
 
أقول لكل من معي الآن مازالت مستمرة 
لقد اقتربتي كثيرا أختي إلى تحقيق أملكِ وحملكِ بالدعوة إلى الله 
والإنضمام إلى ركب الفلاح ..
 
اليأسُ في ديننا كُفْرٌ ومَنْقَصةٌ ,,,, لا يُنبِتُ اليأسَ قلبُ المؤمنِ الفَهِمِ
يَفيضُ من أملٍ قلبي ومن ثقةٍ ,,,, لا أعرٍفُ اليأسَ والإحباطَ في غَمَمِ
 
كتاب الله يدعو للتفاؤل وعدم القنوط ، وحسن الظن بالله .
أنبياء الله متفائلون في دعوتهم من غير قنوط أو يأس ،
نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يضرب أروع الأمثلة في تفاؤله ، والأمل يحدوه في دعوته .
 
يجب أن يُعلم أن المسلم مأمور بالتفاؤل ،
 وأن الدعوة لا تعرف اليأس ولا الملل أبداً . 
 
الدعوة لا تعرف اليأس ولا الملل 
فأنت يا أملنا ! 
مأمورة أن تدعين حتى آخر لحظة في حياتكِ ، ومأمورٌه أن تدعيهم حتى آخر لحظة في حياتهم ،
فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الرءوف الرحيم ، عزيز عليه عنت أمته ، حريص رءوف بها ،
 يدعو عمه أبا طالب ، يدعوه متى ؟ في شبابه ؟ أو عنفوان رياسته ؟ أو قوة وجاهته ؟ 
جاء يدعوه بعد أن دعاه مئات المرات ، يدعوه في آخر لحظة عند تغرغر روحه ،
وحضور سكراته ، وحلول ساعته ، 
ويقول : (أَيْ عَمُّ قُلْ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ , كَلِمَةٌ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ) رواه البخاري
 
إنها دعوة منذ البداية إلى النهاية :
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163
أنتِ مأمورٌة أن تدعينهم من بدايتك ِحتى آخر لحظة في حياتكِ ،
ومأمورةٌ أن تدعينهم في عنفوان عصيانهم إلى آخر لحظة عند موتهم ما استطعتي إلى ذلك سبيلاً .
 
 
تأمل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم :
فقد كان له جار يهودي ، وعلم أن ولد جاره اليهودي قد احتضر ،
وأنه أوشك أن ينازع وأن تفارق روحه بدنه ، فدخل عليه صلى الله عليه وسلم زائراً داعياً ،
فقال لهذا الغلام اليهودي في آخر لحظة من لحظات عمره :
( أََسلِم . فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه : أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ .
فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ ) رواه البخاري (1356) ) .
 
تعالي واعجبي لهذا الخبر ..
 
الرسول ﷺ طُرد من مكة من أجل الدعوة ومازال الأمل يحدوه أن الله ناصره ، 
لم يقلَّ عزمه ، ولم تفتر قوته ، ولم ييئس من رحمة الله .
 
واعجبي إن شئت عجباً أن تري سراقة بن مالك الجعشمي
وقد خرج يطلب النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه لعله أن ينال جائزة أخرجتها قريش
لمن يدل على رسول الله أو يأتي به حياً أو ميتاً ، فلما قدم ودنا ،
وعلم أنه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، إذ لما دنا خطوات ،
 ساخت قدما فرسه في الطين ، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فماذا قال له صلى الله عليه وسلم ؟ قال : (ما بالك يا سراقة ! .. إذا لبست سواري كسرى بن هرمز ؟ )
 
 الله أكبر !
نبي يخرج من مكة قد آذاه قومه ، نبي تسلط عليه أقرب الناس إليه ،
 يخرج بدعوته مهاجراً بها حيث أمره الله ، في مقام شدة وكرب ، ووراءه من يطلبه ، وعين تلاحقه ،
 فيقول : (ما بالك أو كيف بك إذا لبست سواري كسرى بن هرمز ؟! )
نعم إنه الأمل والفأل ، وإنها بشارة وسنة نتعلمها من النبي صلى الله عليه وسلم ألاَّ نتشاءم وألاَّ نقنط .
 
نعم يحزننا أن نرى الناس يعصون الله ، ونفرح حينما نراهم يطيعون ،
 يحزننا أن نرى إدبار بعض الفتيات والشباب عن الإنابة إلى الله ،
 ونسعد ونفرح إذ نراهم يقبلون على الله الشباب المساجد ، 
والفتيات بالستر والعفاف والحشمة والعلم النافع .
ولكن أياً كان الأمر في إقبال أو إدبار ، إن الله لا يضيع دينه .
 
 
حبيبتي الفاضلة :
 إن ما تذاكرناه يجعلنا نتفاءل بالأمر شيئاً فشيئاً ، ورويداً رويداً ،
وأن نُبصر في الأمور أجمل ما فيها .
 
فأنتِ إذا رأيتِ كأساً ليس فيه من الماء إلا نصفه ، 
لكِ أن تقولي : هذا كأس نصفه مليء بالماء ،
 ولك أن تقول : هذا كأس فارغ نصفه ،
والعبارة واحدة ، ولكنها تختلف بحسب تفاؤلك أو تشاؤمك .
 
يقول الشاعر :
 
تقول هذا مجاج النحل تـمدحه
وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
 
ذماً ومدحاً وما جاوزت وصفهما
والحق قد يعتريه سوء تعبير 
 
 
نعم يا حبيبتي : 
إن الدعوة لا تعرف يأساً ، ولا تعرف مللاً لا تعرف إلا حسن الظن بالله  ، 
والتفاؤل والاستبشار بفضل الله .
 







أول خطوة ... 󾔲
 
لعلني هنا أقول أول خطوتين لكل داعية فيما سيقدم في دعوته أي إلى ما يدعو الناس ؟!
 وهذا يختلف من الكافر إلى المسلم وغيره
العامة :
هي تبليغ الرسالة ما أستطعتي لذلك سبيلاً 
تدعين بدعوة رسل الله وأنبياؤه 
 
التوحيد :
 
أهم خطوة يخطوها الدعاة إلى الله 
وأعظم راية يحملونها 
وأهم قضية تشغل بالهم 
 
يقول تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[3]، وقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [4]،
وهي العبادة التي بعث به الرسل عليهم الصلاة والسلام ،
يقول سبحانه : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [5].
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن ليدعُ الناس فقال له :
 ( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ) رواه البخاري . 
 
لماذا العقيدة؟!
لأنه إذا كانت عقيدة المسلم متينة وسليمة وصحيحة ،
فإنَّ كلَّ شيء بعدها في سمات الشخصية سيكون متينًا وسليمًا وصحيحًا ؛
فما بُني على حق كان حقًّا ، وما بُني على باطل ، كان زهوقًا .
 لأنه إذا ساور العبدَ شكٌّ في الوحدانية ، وأن لا إلهَ إلا الله ، لخرج بذلك الشكِّ من الملة ، 
وصار بذلك من سُكنى جهنم .
 ولأنَّ ما قد نراه في كثير من تصرُّفات الجيل اليوم من تقليد الغير في مُعتقداتٍ مشبوهة
هو في حقيقته مصيبة وكارثة كبرى ، تَحتاج تصحيحًا لمعتقداتهم ،
وإرشادًا وتنويرًا لعقولهم قبل أن يأتي الموت ، فيموتوا على عقيدة باطلة .
لأنه إذا صَلَحَت العقيدة وسَلِم فهمها ، 
فإن العائد على صاحبها سيكون حتمًا صلاحًا في الظاهر والباطن .
لأن العقيدة هي المنطلق الأساسي في الإسلام ، فينبني عليها ، والمحور الرئيس للإيمان ، فلا يتحقق إلا بها .
 لأنَّ جمالَ إسلامنا ، وروعةَ شريعتنا ، وحُبَّ خالقنا ، واتِّباعَ سنة حبيبنا
 - لن يتحقَّق إلا بعقيدة سليمة متينة ، لا شك فيها ولا انحراف .
 لأَنَّ العقيدةَ هي رأسُ أمر المحور الإيماني التعبُّدي ، الذي يختص بخالق الكون ،
ومُسبِّب الأسباب ، ومُجري السحاب ، وصاحب الأحدية ، والمتفرد بالربوبية ،
والخالق للبشر والكون بالكلية ، ومالك الدنيا ، ورحمن الآخرة ورحيمها .
سلامة الاعتقاد وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والخرافات .
أول قضية وأهم رسالة يحملها الدعاة ومع التذكير بأهمية القضايا الإسلامية جميعها
 لكن يظل تصحيح الاعتقاد هو أول طريق يسلكه الداعية وهو المُقدّم وله الأولوية في المُعالجة والتخطيط والاهتمام .
 







بمن أبدا ؟!
 
هل أبد بنصح صديقاتي ؟
هل أبدا بالكبير أم الصغير ؟
هل أبدا بالقريب أم البعيد ؟
 
هذه أسئلة أنا أطرحها عليكِ أنتِ ؟!
هل تذكرين آية في هذا ؟!
هل تذكرين فعل للرسول ﷺ في هذا ؟!
 
قال الله تعالى:
 {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ *
 الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء: 214-220].
قال السعدي : 
أي الذين هم أقرب الناس إليك ، وأحقهم بإحسانك الديني والدنيوي ،
وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس ، كما إذا أمر الإنسان بعموم الإحسان ،
ثم قيل له " أحسن إلى قرابتك " فيكون هذا خصوصاً
دالا على التأكيد ، وزيادة الحق ، فامتثل صلى الله عليه وسلم ، هذا الأمر الإلهي ،
فدعا سائر بطون قريش ، فعمم وخصص ، وذكرهم ووعظهم ،
 ولم يبق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئا ، من نصحهم ، وهدايتهم ، إلا فعله ، 
فاهتدى من اهتدى ، وأعرض من أعرض .
 
 
عن أبي هريرة قال : 
لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين}
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فعمَّ وخصَّ .
فقال (يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار ،
يا معشر بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ،
يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار ، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً ،
 إلا أن لكم رحماً سأبلها ببلائها) .
 ورواه مسلم من حديث عبد الملك بن عمير، وأخرجاه في (الصحيحين)
 
و عن عائشة أيضاً والحديث في موضع آخر قالت : لـما نزلت هذه الآية :
{ وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِـينَ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا صَفِـيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الـمُطَّلِبِ ، يا فـاطِمَةُ بِنْتَ مْـحَمَّد يا بَنِـي عَبْد الـمُطَّلِبِ
إنّـي لا أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ، سَلُونِـي مِنْ مالـي ما شِئْتُـمْ "
 
و إن أبـا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل علـيه
{ وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِـينَ }: " يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ ،
لا أُغْنِـي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ، يا بَنِـي عَبْدِ مَنافٍ لا أُغْنِـي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ،
يا عَبَّـاسُ بَنَ عَبْدِ الـمُطَّلبِ لا أُغْنِـي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ، يا فـاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ الله
 لا أُغْنِـي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ، سَلِـيِنـي ما شِئْتِ ، لا أُغْنـي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً"
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُنزل علـيه
{ وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِـينَ }:
" يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ لا أُغْنِـي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ،
يا بَنِـي عَبْدِ الـمُطَّلِبِ لا أُغْنِـي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ،
 يا عَبَّـاسُ بْنَ عَبْدِ الـمطَّلِبِ لا أُغْنِـي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ،
 يا صَفِـيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لا أُغْنِـي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شِيْئاً ، 
يا فـاطِمَةُ بِنْتَ مُـحَمَّد سَلِـيِنـي ما شِئْتِ لا أُغْنِـي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً"
 
- كلها أدلة قريبة من بعضها تختلف فيها لفظة أو لفظتين والمعنى واحد .
 
وهي تحقق لنا ضرورة البدء في دعوة الأقربين لله دعوة إلى الاسلام
أن كانوا على غيره ثم دعوة المسلمين منهم للقيام بأوامر الله ونواهيه كما يجب عليهم فعلها .
 
دعوة للعاصي لـ ينته
ودعوة للمطيع لـ يزداد
ودعوة للمحسن لـ يثبت







أصول التأثير في الدعوة الفردية : 
 وهى ثلاثة :
- أولاً المؤثرة
١-  صاحبة عقيدة : 
لابد أن تكون المؤثره متأكده من أن نيتها لله عز وجل ،
 وليس المقصود إظهار براعة أو ثقافة على الآخرين ،
 أو حوز إعجاب وثناء كل ذلك يحبط عملها عند الله تعالى ،
ويفسد أمرها لدى الناس . 
٢-  صاحبة فكرة : 
 أن تتحمس لدعوتها وبشدة لتوصلها من رأسها وقلبها إلى قلب ورأس المدعو ،
وذلك بأن تكون مقتنعة بها ، وفي عبارة وجيزة صاحبة الفكرة يتحقق فيه قول القائل:
 (ما رأيت ظاهراً أشبه بباطن منه ، ولا باطناً أشبه بظاهر منه) . 
٣-  صاحبة علم : 
هل تريدي لنفسكِ الإحراج ؟ ولفكركِ الاساءة ؟
 إذن .. كوني على حذر ! إنهما يتحققان حينما تُعدي مادتكِ ، ولا تحيطي علماً بموضوعكِ.  
والبصيرة في القرآن الكريم ، هي القول عن علم والتأثير بدراسة الموضوع : 
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 
 
 
- ثانياً: المؤثر فيها : 
١- هي إنسان و الإنسان يكره أن يلوم نفسه أو يلام ،
لأن ذلك يضعه في موقف الدفاع عن نفسه وكبريائه وعزته .
٢- يذكر لكِ الناس تأثيركِ فيهم يدخرونه لسنوات حتى بعد أن تنسينه أنتِ ،
ولذلك يجب مراعاة التالي : 
* المكان المناسب ، الزمان المناسب ، الحال المناسب . 
 
- ثالثاً : طرق التأثير :
 و تعتمد على أصلين : 
الأصل الأول : أن تخاطبين الإنسان فيما يحبه و يرغب فيه وأن تدلينه على طريقة الحصول عليه . 
الأصل الثانى : أن تجعلين فيه رغبة قوية جامحة في أن يفعل ما تريدينه له .
 
مراحل التأثير في الدعوة الفردية : 
• مرحلة الإثارة 
• مرحلة الجذب الى الداعية 
• مرحلة الجذب الى الفكرة 
 
*المرحلة الأولى :
الإثارة 
وهى تقوم على عدة قواعد : 
- القاعدة الاولى :
(من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) 
و يعنى بها الاهتمام بالناس لكسب حبهم لك ، فلكي تكونين هامة كوني مهتمة ،
وهي من الصفات التنفيذية للفرد المسلم ، بأن يكون نافعاً لغيره . 
ومن آثار ذلك أن تأثرين في الناس ، و تثيرين فيهم العاطفة نحوكِ ،
وهكذا كان الرسول ﷺ ، حتى بلغ قول الرجل : 
فلقد كان و ما في الأرض أحد يتنفس أبغض إلي منه ،
 فما برح حتى كان أحب إلي من ولدى ووالدى ومن الناس جميعاً ، وذلك لأنه سمع النبى في السوق يقول : 
( رحم الله سهل الشِّراء ، سهل القضاء ، سهل التَّقاضي ) رواه الطبري وورد بلفظ آخر في البخاري .
 
- القاعدة الثانية :
( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) 
إن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق من صوت اللسان ،
 و كأن بها تقول عن صاحبتها : (إنى سعيدةٌ برؤيتكِ) . 
و يعنى بها الابتسامة الحقيقية التى من أعماق نفسكِ ،
وهى الحركة التى تتم في داخل النفس ،
 فينشرح لها الصدر ، وتنفرج القسمات ، فتلقين الآخرين ، بوجه طليق ، ومن آثارها أنها تعمل عمل السحر . 
والرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعا إلى الابتسامة ، كان خير قدوة للمسلمين ،
فكم من الأصحاب رضوان الله عليهم جذبهم إلى الاسلام تبسم النبى ﷺ . 
 
- القاعدة الثالثة :
( أن تنادينه بأحب الأسماء إليه ) 
وهي من أهم وسائل الإثارة التى لا تنسى :
حفظ الأسماء و تذكر الأشخاص ، و مناداته بأحب الأسماء إليه ،
 ولعل عمرو بن عبسة لم ينس ذلك حينما جاء إلى مكة فاسلم فقال له النبى ﷺ :
 إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ، ولكن ارجع الى أهلك ،
فاذا سمعت بى ظهرت فالحق بى ثم عندما هاجر الرسول الى المدينة ، يقول عمرو :
 فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَعْرِفُنِي ؟
قَالَ : " نَعَمْ ، أَلَسْتَ الَّذِي أَتَيْتَنِي بِمَكَّةَ ؟ قُلْتُ : بَلَى .  جاء في حديث مرفوع
 
القاعدة الرابعة :
( فليقل خيراً أو ليصمت ) 
ويعنى بها الإستماع الحسن و الكلام القليل ، فالمتحدثة البارعة مستمعة بارعة ،
فكوني حسنة الإستماع ولا تقاطعين من تحدثينه ، بل استمعي إليه كما تحبين أن يستمع إليكِ . 
ولكم تأثر زعيم قريش أبو الوليد عتبة بن ربيعة حين عرض على النبى هزله الكثير ،
 وظل النبى مستمعاً حتى سكت أبو الوليد ، فقال النبى ﷺ : " أَفَرَغْتَ ؟ " قَالَ : نَعَمْ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ )
حَتَّى بَلَغَ ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ) ،
فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ : حَسْبُكَ حَسْبُكَ ، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالَ : "لا" صحيح الإسناد
 
القاعدة الخامسة :
( أحب لأخيك ما تحبه لنفسك ) 
احترمي الأطراف الأخرى و امنحيها حقها من التقدير و التوقير و اجعليه يشعر دائماً بأهميته ،
ومن باب أحب لأخيك ما تحب لنفسك ، دعينا نمنح الآخرين ما نحب أن نمنحه : 
* نحفظ له حرمة منزلته : 
ونحن مأمورون أن ننزل الناس منازلهم ، بعيداً عن الملق الرخيص ، أو النفاق المرذول ،
 أو الكذب في اضفاء صفات لا يستحقها المخاطب . 
* نختار الألفاظ المفضلة : 
نجامله بالحق وهذا كله لا يتنافى مع عزة المؤمن
مثل : (هل تسمح لي ) ( بم تأمرني ) 
* نثنى على ما فيه من جوانب إجابية : 
و نتحين أى شيء إيجابي و نمدحه فيه تقديراً و اكباراً ، فان كان فعله المحمود يمثل 1% ،
نمدحه و نثنى عليه لهذا الفعل المحمود ، وقد يكون فى أناقته لملبسه ، أو ترتيبه للمكان ،
 أو خطه الجميل وغير ذلك بكثير .
 
المرحلة الثانية :
*جذب الشخص إلى الداعي
- القاعدة الأولى :
( ابدأ بالثناء والتقدير ) 
ما أعظمها من بداية ، وما أسحره من أثر ، وما أدومه من تأثير ،
لكم انتفع الاسلام بعمر بن الخطاب و خالد بن الوليد رضى الله عنهما من تأثير هذه القاعدة : 
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ  :
"اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ" رواه الترمذي .
فجعل الله دعوة رسول الله لعمر بن الخطاب ، فبنى عليه الاسلام و هدم به الأوثان . 
 
- القاعدة الثانية :
( قل : ما بال أقوام يقولون ) 
إن أخطأ أحد فالمعالجة لها فن مؤثر ، استعمله النبى ﷺ  ،
عن أبى داود عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان النبى ﷺ إذا بلغه عن رجل شئ لم يقل :
ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا و كذا . 
 
- القاعدة الثالثة :
( ابدأ بنفسك أولاً ) 
تذكر أخطاءك ، ثم وجه النقد أو النصيحة ،
هنالك يحلو نقدك و تصبح نصيحتك محبوبة . 
 
- القاعدة الرابعة :
( لا تصدر أمراً صريحاً ) 
ما أشق الأمر على النفس ، وما أصعب موقف الآمر !!
ولكن هل لك في طاعة بحب و قبول للأمر ؟! 
لا تصدر أمراً صريجاً ، مثل : ( افعل ، لا تفعل ، ممنوع ) 
ولكن اجعل أمرك في صورة اقتراح مهذب ، بعد أن تعرف رسول الله ﷺ  على بعض من أهل اليمن ،
 قال لهم : قَالَ : " فَهَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ ؟ " قَالُوا : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ :
" تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَتُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ "
 
- ( القاعدة الخامسة ) :
(احفظ ماء الوجه )
احفظ ماء الوجه في هذه المواقف : 
-لا تنتقد أحداً أمام غيره ، بل بكلام مهذب تخفف به من الوطأة . 
- إذا أردت التوفيق بين اثنين ، ابحث عن وجهة نظرهما المتفقة ،
 ولا تجعل أحدهما في جانب الصواب والآخر بالعكس . 
 
 
- القاعدة السادسة :
( التشجيع ) 
يقول علماء التأثير : 
• في الناس مواهب وكنوز ، لو شجعناهم لإدراكها لذهبنا بهم إلى أبعد من مجرد تحسينها . 
• قد يغير التشجيع و التقدير ، مجرى حياة الكثيرين ولو لأقل إجادة ،
مثل الإشادة بالموهبة أو أقل امتداح .
 
 
- القاعدة السابعة :
( سهل له العمل ) 
نعم سهل له العمل الذى ينجزه و اجعله يحبه ، فكم غيرت هذه الكلمات أفراداً كثيرين : 
- إن لك استعداداً طيباً 
- إنك قادر على فهم و مزاولة هذا العمل .
 
[ الدعوة المؤثرة ]
*وسائل التأثير في القرآن الكريم 
*التاثير في الدعوة الفردية 
*أصول التأثير في الدعوة الفردية 
 
- وسائل التاثير في القرآن الكريم :
وقد اعتمد القرآن الكريم على أساليب تأثيرية ، حوت بين ثناياها طرقاً ووسائل عدة ،
يمكننا أن نلخصها في أربعة أساليب : 
 
أولاً : أسلوب إثارة الدافع :  
عن طريق : 
١- القصة : لأنها تحقق التأثيرات التالية : 
- التأثير النفسي و العاطفي للأحداث . 
- التأثير بالدرس في ثنايا القصة . 
- إثارة التشويق والانتباه . 
- التأثير في السلوك العملي . 
والمثال على ذلك : قصة يوسف عليه السلام . 
٢-  الأحداث : وتحقق التأثيرات التالية : 
- تهز الوجدان . 
- تحت تأثير الحدث يكون الذهن أكثر استعداداً لتعلم العبرة . 
ومثال على ذلك ما حدث يوم حنين {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا
وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ}
التوبة - الآية 25
 
ثانياً : أسلوب إثارة الإنفعال و الذهن : 
عن طريق : 
التكرار : و يحقق ذلك الأاثيرات التالية : 
١- تثبيت هذه الافكار وبالتالي يمكن تعلمها . 
٢- التأثير في اتجاهات الناس لطرح فكرة ما مثل ما يحدث في الترويج لسلعة ما . 
المثال : تثبيت العقيدة في نفوس الناس بالتكرار : 
- { أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ } خمس مرات في سورة النحل .
- { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ } أربع مرات في سورة هود . 
 
 
ثالثاً : أسلوب إثارة النفس :
عن طريق : 
١- ضرب الأمثلة والتشبيهات الفنية : 
مثال : { وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }
٢-  نزول القرآن على فترات وعلى مواقف : 
مثال : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا }
 
رابعاً : أسلوب التدرج في تعديل السلوك : 
قد تستقر بعض العادات السيئة في السلوك ويصعب تغيرها ويتطلب التغير من الفرد ثلاثة أمور :
إرادة قوية وجهد كبير وتدريب طويل . 
ولما كانت هذه الأمور لا يطيقها كل فرد فكان من أنجح الطرق للتخلص منها التدرج في التعديل السلوك . 
و هذا ما سلكه القرآن الكريم أمام ما استقر من عادات سيئة في سلوك العرب
قبل الإسلام حيث لم يكن من السهل في المرحلة الأولى من الدعوة
أن يطلب من المسلمين التخلي عن بعض عاداتهم السيئة . 
 
* التأثير في الدعوة الفردية 
أ- المؤثر في الآخرين :
تعريف المؤثر : هو الذى يتفاعل مع الآخرين ويقوم ذلك على مراحل الثلاث : 
١- التأثير في الناس . 
٢- توجيه سلوكهم . 
٣- بلوغ هدف الجماعة .  
وإذا كان التأثير في نفوس الآخرين هو المرحلة التأسيسية التى يقوم عليها السلوك
ويتنامى لتحقيق الأهداف المنشودة فإن أخطر ما يقوم به المؤثر توجيه الآخرين
والتوجيه الصحيح له غرضان أساسيان : 
أولاً : المساعدة : ويعنى بها مساعدة الفرد على تفهم حقيقة امكاناته . 
ثانياً : المعاونة : ويعنى بها معاونة الشخص على تفهم حقيقة امكاناته
والاعتماد على نفسه في الوصول إلى قرارات حاسمة . 
ب- تنمية السلوك التأثيري لدى الأفراد :
١- تنمية صفات التأثير : المبادأة ، الابتكار ، المثابرة ، الطموح . 
٢- تنمية التفاعل الاجتماعي . 
- الإجابية في المشاركة الاجتماعية مع الآخرين . 
- الذكاء وفن الدعوة و الممارسة الابداعية . 
- استجاباته الانفعالية أكثر حرارة . 
٣- تنمية العلاقاة العامة : 
- التوجيه يسري في دمه دون تكليف و بعيداً عن العمل . 
- الفكاهة و التبسم و التفاؤل و التشجيع . 
 
 
المرحلة الثالثة :
الجذب إلى الفكرة :
 
- القاعدة الأولى :
( لا تجادل ) 
طريقة واحدة لكي تكسب جدالاً هى أن تتجنبه ،
وتذكر أنك اذا أرغمت أحداً على أن يعتقد ما ليس يعتقد فإنه لا يزال على اعتقاده الأول ،
مهما حاولت من وسائل الإرغام ، { كْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ} . 
 وقال ابن أبي ليلى: (لا تمار أخاك؛ فإنَّه لا يأتي بخير)  .
 
- القاعدة الثانية :
( الشجاعة عند الخطأ ) 
إن الإنسان بشر يخطئ و يصيب ، ولم يعصم الله سبحانه من الناس إلا أنبياءه ورسله ،
روى أنس رضى الله عنه أن رسول الله (ﷺ) قال : " كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ " رواه الترمذي
وهنا لا تقل له أنك مخطئ !  فكسب القلوب أولى من كسب المواقف .
وابدأ معه بألفاظ لها سحر مثل : ( قد أكون مخطئاً ) ( دعنا نختبر الحقائق ) 
و ابتعد عن عبارات قاتلة مثل : 
( سأعلمك ) ( سأثبت لك هذا ) . 
 
- القاعدة الثالثة :
( سهام الى القلوب ) 
بالرفق واللين و الحلم تملك قلوب الناس ، و دع الغضب والعنف والشدة ،
 فإنها مدمرات ، وأنت صياد ماهر ، و كما قيل ، نقطة عسل تصيد الذباب
كذلك الأمر في اصطياد الناس ، أفهمه أنك صديقه المخلص الحريص عليه ،
وكن كذلك ، تلك هى الطريق الوحيد إلى قلوب الناس . 
 
- القاعدة الرابعة :
(عش في هدوء ( نعم ) ) 
دع المرء يظل يقول : نعم ، في مبدأ الأمر بمعلومات يشعر فيها بمصلحته ،
وبذلك ينسى الخلاف و تحقق هدفك المنشود من جذبه الى الفكرة . 
ولكن كيف تدعه يقول : نعم ؟ 
١- ابدأ فيما اتفقتم عليه وادأب على تأكيدها 
٢- أفهمه أنكما تسعيان لهدف واحد مع اختلاف الوسيلة 
٣- اسأله أسئلة تحصل بها الإجابة ب ( نعم ) 
 
- القاعدة الخامسة :
( اجعله يشعر ان الفكرة فكرته ) 
دعه يدير الحديث ، اطلب منه عرض النماذج و الشرح عنك أحياناً ،
بل اجعله يتولى الردود عنك احياناً أخرى و انظر كيف ستكون النتيجة المذهلة ؟ 
فإن كسب الناس أولى من كسب الجولات ، هنالك يشعر أن الفكرة فكرته . 
 
- القاعدة السادسة :
( عليك بالتى هي أحسن ) 
انفرد القرآن الكريم بهذا التعبير القرآني (التى هى أحسن ) ،
وقد استعمله القرآن في بيان الدعوة ولب المجادلة بالفكرة ،
فإنها وسيلة لا حدود لها ولا نهاية تنتهى بها ،
لأنك كلما بحثت عن الأحسن منه ، يقول الله تعالى :
{ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ }
وفي معناها أنها تحقق أمرين : الأول : التى هى أحسن أي الحال التى هي أحسن من اللين و الرفق . 
الثانى : التى هى أحسن أي الكلمات والبراهين و التعبيرات
التى هي أحسن شئ وأدله على المقصود وأوصله إلى المطلوب . 
 
- القاعدة السابعة :
( اضرب على وتر حساس ) 
في داخل كل منا دوافع نبيلة ، إذا استطاع الداعية أن يتوسل اليها ، ملكنا بقوة ، و جذبنا إلى فكرته . 
أخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضى الله عنه ، أن النبى دخل على رجل من بنى النجار يعوده ،
فقال له :" يَا خَالُ ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ، فَقَالَ : أَخَالٌ أَمْ عَمٌّ ؟ قَالَ : " لَا ، بَلْ خَالٌ " ،
 قَالَ : فَخَيْرٌ لِي أَنْ أَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " .
 
 
* الدعوة المؤثرة 
- الجزء الثانى :
 
وسائل التأثير في الدعوة العامة :
أولاً: الحديث المؤثر :
١- إعداد الحديث المؤثر 
٢- فن الإلقاء 
٣- الموضوع المؤثر 
٤- سمات الحديث المؤثر 
 
 
الحديث المؤثر  :
تمهيد : 
إن الحديث المؤثر يعمل عمل السحر في التأثير على الأذهان ،
والإقناع الذى يتحول إلى سلوك وتطبيق ، ولكن هل هو متاح لجميع الأشخاص ؟ 
إن هناك عناصر أساسية يرتكز عليها الحديث المؤثر ، وهى عناصر مشتركة ما بين المتحدث و الحديث ،
جمعها أهل الخبرة بهذا الميدان في أربعة عناصر : 
- المثابرة . 
- التصميم على النجاح . 
- الثقة . 
- الإرادة . 
 
أولاً : إعداد الحديث المؤثر 
يقوم الحديث المؤثر على أصلين : 
*الأصل الأول : فهم الإعداد 
- الإعداد : 
ليس الإعداد بإلقاء أفكار محفوظة أو مقروءة أو منقولة ، فإن ذلك يجعل المستمع لا يتحمس لصاحبها .
 إنما الإعداد هو أفكارك أنت ، ورأيك أنت بما يتفق معك كصاحب رسالة تؤثر في المستمع . 
وبذلك فالإعداد معناه : التفكر و التأمل و اختيار الأفكار ، ثم صقلها ووضعها في قالب خاص بك . 
- وسائل اكتساب القدرة على الإعداد : 
أ- أن تدرك الشئ على حقيقته : 
سواء كان على المستوى الطبيعى : الذى نراه بحواسنا و نلمسه للأشياء الخارجية .
أو على المستوى العصبى : مثل المؤثرات من الحواس إلى مراكز المخ ، 
أو على المستوى النفسى : و هو يعتبر من أخطر هذه المستويات ،
لأنه عند هذا المستوى يتحول الأحساس إلى معاني يمنحها العقل ،
والنجاح فيه مرهون بالتغلب على عقباته . 
ب- وضوح الفكرة والمعلومة في الذهن : 
لا يكفي فهم الفكرة فقط ، بل لابد من وضوحها ، ليتم تمييزها عن المتشابه معها . 
ج- الموقف النقدي عن كل ما يقرأ : 
د- التلاحم بين العلم والعمل : 
بمعنى الإمتزاج بينهما ، بين النظرية والواقع ، بين المدارسة و الممارسة ،
 فالذى يلتزم بالنظرية فقط ، عمله كعمل العنكبوت ، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت . 
 
*الأصل الثانى : كيف تعد مادتك ؟ 
١- طريقة الإعداد : 
- حدد الموضوع ، ثم فكر فيه سبعة أيام ، واحلم به سبع ليال . 
- دراسة أحوال المستمعين ، وأن تفكر في مطالبهم و رغباتهم ، فبذلك تكسب نصف المعركة . 
- العامل الأساسي في الإعداد : أن تجمع أكبر معلومات في موضوعك ،
أوفر مما تحتاج ، لتمنحك ثقة إضافية . 
٢- أهم قواعد الإعداد : 
أ- عند الإعداد : 
- حفظ الكلمة مع فهم معناها . 
- التكرار الموزع على فترات متقاربة . 
- الحالة النفسية الطبيعية للداعية . 
- الجلسة الصحيحة والهيئة المناسبة . 
ب- قبل الإلقاء : 
- لا تقرأ و لا تحاول حفظ الحديث كلمة كلمة . 
- جمع الأفكار الأساسية في عقلك بوضوح . 
- اكتب بعض الملاحظات و اطلع على بعض الوثائق . 
 
ثانياً : فن الإلقاء :
١- إلقاء الحديث : 
و أفضل الإلقاء هو التحدث في حالة طبيعية ، و عليه فتعلم فن الإلقاء لا يعنى إثقال العاتق بالجديد ،
وإنما إزاحة العوائق من أمام الدعاة ليصبحوا قادرين على التحدث في حالة طبيعية .
والخلاصة ، كما يقول أهل الإلقاء : ضع قلبك في أحاديثك .
 ولا يمنعك ذلك من الإستعانة ببعض المقترحات مثل : قواعد فن الإلقاء . 
٢- قواعد فن الإلقاء : 
أ- إبراز الكلمات المهمة و جعل غير المهمة ثاوية : 
ب- لا تجعل الصوت على وتيرة واحدة : 
ج- غير من سرعة حديثك : 
د- توقف قبل و بعد كل فكرة مهمة : 
قيل : إن في صمتك حديثا ، ولذلك فاستخدام الصمت بحكمة ، أثناء الحديث كالذهب . 
 
ثالثاً : الموضوع المؤثر :
١- بداية الحديث :
أ- احذر البداية بالتالي : 
١- البدء بالقصص الهزلية . 
٢- لا تبدأ الحديث بالإعتذار .  
 
ب- قواعد البداية المؤثرة : 
و إثارة الإنتباه له عدة من تجارب العاملين به .
- إثارة حب الإستطلاع . 
- رواية قصة . 
- التصوير الواضح . 
- أستخدام العرض . 
- وجه سؤالاً . 
- ابدأ باقتباس مثير من مشهور . 
- ابدأ بالحقائق المثيرة . 
 
٢- نهاية الموضوع :
أ- احذر هذه النهايات : مثل هذه الأوقوال 
- ( هذا كل ما أستطيع أن أقوله في هذا الشأن ) 
- ( أترك المجال فهذا ما عندي ) 
 
ب- قواعد النهاية المؤثرة : 
١- التلخيص والتركيز :
 في حديث قصير وقد لا يتجاوز ثلاث دقائق أو خمساً، لخص عناصر موضوعك ،
 بحيث تترك السامعين في النهاية . 
٢- الدعوة إلى عمل شيء ما : ينصحك أهل الخبرة بألا تغفل في حديثك الثمار
التي تعود على المستمعين في الدنيا والآخرة مما يكون دافعاً للهمم و حافزا ًللعمل ،
و كذلك لا تغفل إحياء المشاعر القلبية ، مثل : مراقبة الله للأعمال وإرادة الإنسان في العلاج . 
٣- تقديم الشكر للمستمعين : بحيث تتركهم مسرورين متفائلين ، وهي نهاية رائعة . 
٤- اتركهم مسرورين ضاحكين : من النهيات الرائعة أن تترك مستمعيك ضاحكين ، قبل أن تقول لهم وداعاً . 
٥- اختم بالقرآن الكريم : و ذلك لما للآيات من تأثير في السامعين ، وخير نهاية يظل أثرها في النفس طويلاً . 
 
رابعاً : سمات الحديث المؤثر 
أ- أن يكون واضحاً 
معنى الوضوح : 
أن تعرف هدفك ، و لتختره بتعقل قبل أن تشرع في إعداد حديثك ،
ولتعرف كيف تصل إليه ، وكما قيل : إن من أسباب الجوهرية لنجاح المتحدث :
 ( المعرفة ثم الإعداد ثم الوضوح )
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان كلام رسول الله (ﷺ) كلاماً فصلاً يفهمه كل من يسمعه . 
و لزيادة الإيضاح في حديثك ، باستخدام الوسائل التالية : 
١- استخدام المقارنات : 
إذا أردت على سبيل المثال ، توضيح حجم الذرة : 
لماذا لا تقول : إنها الذرات الموجودة في قرة الماء و تعادل أوراق الحشائش الموجودة في كل بقاع العالم .
ولذلك فبدلاً من التحدث بمصطلحات الأطوال والأميال ، من الأوضح استعمال المقارنات ،
ونحب أن نشير إلى أن رسول الله (ﷺ) ، استعمل هذا الأسلوب في إضاح الفكرة كثيراً . 
٢- تجنب المصطلحات الفنية : 
هناك نصيحة تقول : في إلقاء حديثك اختر أقل المستمعين ذكاء ، ولأمر ما كره رسول الله الثرثارين المتفيقهين ، والذين يخاطبون الناس بما لا يفهمون ، بل أن الأمر قد بلغ مع رسول الله أن يدخل في كلامه ألفاظاً أجنبية و يعدل على لهجته الأصصلية ليخاطب وفود القبابل بما يفهمون من لهجاتهم ، فهل نعيبر ؟!!.. فإن الواجب علينا أن نتجنب في حديثنا ما لا يفهمه الناس . 
٣- استخدام حاسة البصر : 
الرؤية خير من السماع ، ولذلك لماذا لا تستخدم الصور والرسوم البيانية ،
فهما أكثر إقناعا من الكلمات ، وما أروع في التأثير استخدام رسوم المضحكة التى تعبر عن الأفكار ،
وتجعل الناس في مرح ، ومن أجهزة هذا الباب استخدام جهاز عرض الشفافيات ،
والشرائح الملونة و الفيديو والسينما ، لأنها تسترعي الإنتباه ، وتثير الاهتمام ،
وغالباً ماتجعل القصد واضحاً طريقة مضاعفة .
 
ب- أن يكون مقنعاً 
١- كرر أفكارك الرئيسية في كلمات مختلفة : 
إن تركيز الفكرة في الذهن ، قبل الإنتقال إلى الفكرة الجديدة ، أمر مهم جداً في الإقناع ،
وقد تكون الفكرة واضحة لك ، ولكن ليس هذا دليلاً على أنها واضحة في أذهان الآخرين ،
ولذلك فعليك بتكرار الأفكار ، واعادتها ولكن في ألفاظ أخرى وجديدة ، هنالك لا يدرك المستمعون أنه إعادة لهم . 
٢- ضرب الأمثال : 
استعمال المثل وسيلة أخرى من وسائل الإقناع المؤثرة
وهي تعطي للمستمع فكرة واضحة وحية لمراد المتحدث ، ولكن لابد أن تكون الأمثال :
 واقعية ومحددة وموضوعية . 
 
ج- أن يكون قصيراً 
في تذكرة السامع و المتكلم نصيحة غالية : 
(( لا يطيل الدرس تطويلاً يممل ، ولا يقصره تقصيراً يخل ، يراعى في ذلك مصلحة الحاضرين )) 
عن أبى اليقظان عمار بن ياسر رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله (ﷺ) يقول :
"إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا "  
( رواه مسلم )
 
 
 
ثانياً : المتحدث المؤثر 
 
أ- الذاكرة المؤثرة 
١- تحسين الذاكرة : 
قال بعض العلماء : (( 5 دقائق من التركيز العقلي تأتي بنتائج أعضم من التفكير الذاهل الموزع لمدة أيام عديدة )) 
٢- وسائل التذكر : 
١- الإنفعال : 
انفعل انفعالاً قوياً بالشيء الذى تريده أن تتذكر ، ولكي تصل إلى ذلك يجب أن : 
- تركز لأن التركيز سر القوة في الذاكرة . 
- تتذكر بحاستين وليس بحاسة واحدة . 
٢- التكرار : 
ترجع أهمية هذه الوسيلة إلى عاملين : 
الأول : عقلنا الباطن يكون مشغولاً بين فترتي التكرار بتكوين ترابطات أكثر ضماناً . 
الثانى : العقل حين يقوم بعمله على فترات ، لا يرهقه التعب المتواصل ، فبعد 15 دقيقة يفقد العقل نشاطه . 
3- الترابط : 
معناه ، ربط الشيء ببعض الحقائق الأخرى ، وهو عنصر ضروري في عملية الإستدعاء أو التذكر . 
مثل : ربط الأسم بشيء معلوم لديك أو صورة غريبة ،
وهذا سر التذكر السريع اربط الأسم بالشكل ، ثم تعرف على العمل ، ثم اربط الاسم بالشكل بالعمل . 
 
ب- احذر أمراض الذاكرة 
١- النسيان : 
أ- من أين يأتى النسيان ؟ 
إننا ننسى خلال الساعات الثمان الأولى ، من المادة الجديدة التي نتعلمها ،
 أكثر مما ننسى خلال الثلاثين يوماً التالية ، لذلك عليك أن تنظر في مادتك ، وأفكارك لتجدد الذاكرة . 
ب- مقاومة النسيان : 
العمل بالمعلومة ونقلها إلى التطبيق ، وهو سر أصحاب رسول الله (ﷺ) في حفظ كتاب الله تعالى والسنة . 
- عدم الإنشغال بمعلومات جديدة ، بل راحة ، ثم استرجاع الأفكار . 
- عدم الإعداد عند الإرهاق ، أو الاضطرابات النفسية . 
- التكرار على فترات متقاربة . 
- صفاء الذهن للتفكير ، والابتعاد عن الضوضاء لتحسين عملية استرجاع المعلومة . 
- ترك الذنوب والمعاصى ، لأنها لا تحقق الأسباب السابقة ، وهي وصية الإمام الشافعى الجامعة : 
شكوت الى وكيع سوء حفظي 
فأرشدني إلى ترك المعــاصي 
وقــال إن العلم نـــور 
ونور الله لا يهدى لعــاصي
٢- الملل : 
أ- من أين يأتى الملل ؟ 
- في الأغلب يعود إلى أسلوب الإعداد وإلى ظروفه مثل : الأسلوب الخاطئ في القراءة بدون فهم ، 
و قد يعود السبب إلى عدم الرغبة في المادة التي تعد .
ب- علاج الملل : 
يقول أهل الخبرة : 
١- تحديد الهدف مع الصبر و الشجاعة لتحقيقه مهما كانت الظروف . 
٢- فهم ما يقرأ أو تغيير المادة وينصح التربويون : بالإنتقال من الأصعب إلى الأسهل . 
٣- عدم نسيان فترات الراحة ، خاصة بعد الأكل ، حيث يبدأ الإعداد بعده بساعة على الأقل . 
ج- وأخيراً.... النصائح 
 
أولاً : طريقة ثبيت هذه المعلومة : 
١- الفهم الجيد .
٢- المراجعة : باستعراض أهم الأفكار الأساسية . 
٣- المناقشة : المناقشة مع نفسك ومع غيرك . 
ثانياً : ماذا تفعل إذا أصاب الناس الملل : 
- قالوا : 
التوقف السريع ، و الترويح عن الحضور و مراعاة الحديث على فترات متباعدة
لقول ابن مسعود رضي الله عنه : (( إن رسول الله (ﷺ) كان يتخولنا بالموعظة ( يتعهدنا ) مخافة السامة علينا )) . 
- و قال آخرون : 
تغيير المكان يقطع الملل ، وينعش الأحوال وذلك لما أخرجه ابن السمعانى عن مكحول قال :
 (( كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحدث الناس ،
فإذا رآهم قد تنابوا ( رفعوا أصواتهم ) وملوا أخذ بهم في غراس الشجرة )) . 
 
 
ب- الشخصية المؤثرة 
١- تحسين الشخصية : 
ولكن كيف نحسن الشخصية ؟ 
- اذهب إلى الحديث وأنت مستريح ، فالمتحدث المتعب ليس له تأثير أو جاذبية . 
- اختر الوقت المناسب ، لإلقاء الحديث ، وليكن غذاؤك خفيفاً ،
مع التقليل من المثلجات إن أمكن ، و استرح بدنياً و عقلياً ونفساً . 
- وما اجمع قول إمام الدعاة ابن جماعة وهو يلخص التهيئة النفسية و الجسدية شخصية الداعية المؤثرة قائلاً:  
( التهيئة النفسية : 
- ينوى نشر العلم و تعليمه . 
- أن يقول : بسم الله ، حسبي الله توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
اللهم ثبت جناني ، وأدر الحق على لساني . 
التهيئة الجسدية : 
لا يدرس وقت جوعه أو وقت عطشه أو همه أو نعاسه أو قلقه ،
 والسؤال الذى دائماً يطرح : لماذا يتجمع الناس حول داعية بعينه ؟ 
- ربما يكون السبب أنه أكثر اهتماماً بموضوعه ولذلك حديثه مشوق ..
 أو أنه يتحدث بحيوية أقوى إايمان أعمق مما يثير الانتباه على الدوام ..
أو الحماسة والنشاط والجاذبية ، فالناس يتجمعون حول الداعية النشيط ) . 
 
 
فنون الشخصية المؤثرة 
١- فن الملبس : 
- ولنا في رسول الله (ﷺ) القدوة والمثل ، في استعمال هذا الفن ،
حيث كان يرتدي الجديد ، وينوع الألوان ، ويأنق ملبسه ،
 عن البراء رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله (ﷺ) مربوعاً ( لم يكن بالقصير ولا بالطويل
وكان إلى الطول أقرب ) وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه )) . 
- ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه لسهل بن الحنظلية : كلمة تنفعنا ولا تضرك ،
فيقول سهل : سمعت رسول الله (ﷺ) يقول :
" إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ ، 
فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ " ..  مسند أحمد حديث مرفوع موقف 
٢- فن الجلوس : 
اجلس بارزاً لجميع الحاضرين ، وقف في مسقط الضوء ، فالناس يذهبون لرؤيتك ،
وتعبيرات الوجه أكثر تعبيراً .
يقول السلف : (( يجلس بارزاً لجميع الحاضرين ، ويوقر أفاضلهم بالعلم والسن والصلاح ،
ويتلطف بالباقين ويكرمهم بحسن السلام وطلاقة الوجه )) 
٣- فن النظر : 
على الداعية ألا يظهر تفضيل البعض على البعض ، في مودةأاو اعتناء ، وأن يكون النظر إليهم جميعاً . 
٤- فن الصوت : 
يقول بعض السلف : (( ألا يرفع صوته زائداً على قدر الحاجة ،
ولا يخفضه خفضاً لا يحصل معه كمال الفائدة ، والأولى أن لا يجاوز صوته مجلسه ،
ولا يقصر عن سماع الحاضرين ، ولا يسرد الكلام سرداً بل يرتله ويرتبه )) . 
٥- فن المنصة : 
لا تجعل شيئاً على المنصة حتى لا تشتت انتباه المستمعين ،
ولذلك من الأفضل استعمال المنصة الفردية ، لمن يتحدث وعدم جلوس المتحدثين معاً أمام المستمعين . 
٦- فن الحركة : 
التوازن في الحركات والإشارات : 
- قف ثابتاً . 
- اضبط حركات جسمك فإن ذلك يساعد على رياضة العقل . 
- انسى يديك تماماً ولتكن حركتها طبيعية . 
- فن التجميع : 
احشد مستمعيك بعضهم إلى بعض فلا يمكن التأثير بسهولة على مجموعة متفرقة ، 
فالفرد بين الجماعة يضحك ويستحسن وربما يصفق معهم ،
إذا كان حديثاً مديا مع مجموعة صغيرة لا تقف على منصة ،
وانزل إلى نفس مستواهم واجعل حديثك في شكل محادثة . 
٧- فن الكلام :
المتحدث الجيد يستخدم الأعضاء التي تشترك في احداث الصوت ،
ومعنى ذلك أنه يتنفس بانتظام ، ويحتفظ بالأوتار الصوتية حساسة لينة
وهذا يعنى أيضاً استرخاء جميع أجزاء الفم عند الكلام ،
وبذلك تخرج الكلمات واضحة ويكون الصوت رخيماً قوياً . 
 
 
ثالثاً: وسائل التأثير في الدعوة العامة :
 
١- استخرج أفكارك من الناس : 
أنت تحدث الناس ، بل اهتمامات الناس ، ولذلك فالأفكار لابد أن تكون من الناس وعنهم ،
 فإن قال قائل : إن موضوعات الناس قديمة ، قدمها أنت باشياء جديدة . 
فالربط بين خواطرك وبين واقع الناس وأحوالهم وقضاياهم يجعلك أقرب إلى قلوب الناس . 
٢- حدث الناس فيما يتعلق بأنفسهم : 
ولقد أجمع السلف محذرين الدعاة الذين لا يتقيدون بهذا الأمر ، بخطورة الموقف ،
وقد أوضحوا هذا الأمر للمتحدث ، بأن يراعي ما يتعلق بنفس المستمع قائلين :
بما هو أهل له ، لأن ذلك ربما يوحش الصدر ، وينفر القلب ، ويورث الوحشة ،
وكذلك لا يلقي إليه ما لم يتأهل له ، لأن ذلك يبدد ذهنه ويفرق فهمه . 
٣- كن لبقاً : 
فإن لم تكن كذلك ، يكون حديثك ثقيل الوقع على السامعين ، وإن كنت كذلك ،
أدخلت السرور على قلب متحدثك ، فكيف تكون لبقاً ؟ 
والإجابة باختصار شديد ألا تحدثه عن الأشياء التي تهمك ، ولكن حدثه عن الأشياء التى تهمه ،
عن اهتماماته واعماله ومتاعبه ونجاحه ، ثم ارقب نتيجة ذلك فسترى عجباً . 
٤- كن واقعياً : 
وهذه حقيقة جوهرية فيإأثارة الأهمية ومثال ذلك : 
أن يحظى الحديث المؤثر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
والنقد لأخطاء التطبيق في المجتمع بما يحقق الصبغة الربانية في الحديث ،
من معالجة الواقع وتقويمه ، وذلك يكفل للداعية دوام انتباه السامع ،
لأنه سيكون معه دائم التنفل بين مثالية العلم ولمحات النقد لسير المجتمع ،
ويتحقق له بذلك اقتناع السامع تلقائيا بسداد ما شرع الله وتلك غاية من غايات الداعية . 
٥- استعن بالتصوير الفني : 
المتحدث الذي تنصت إليه في سهولة هو الذي يستطيع أن يضع الصور أمام عينيك ،
أما الذي يستخدم الرموز الغامضة فإنه يحمل السامعين على هز رؤسهم دليل قلة اكتراثهم .
والمتأمل يجد أن الأمثال والحكم التى تتناقلها الأجيال ما هي إلا صوراً مرئية :
(( عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة )) . 
وهذا الأمر يتضح من قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في تصوير المسألة :
((لا تزالُ المسألةُ بأحدكم حتى يَلْقى اللهَ ، وليس في وجهِه مُزْعَةُ لحمٍ . 
وفي رواية : مثله . ولم يَذكُرْ مُزْعَة. )) أي قطعة لحم رواه مسلم . 
٦- استعن بالقصة : 
الحديث يلقى قبولاً إذا كان مفعماً بالقصص الإنسانية ،
وينبغي على المتحدث إن يستعرض نقطاً قليلة ، ويصورها بالحالات الحقيقية الملموسة ، 
وهذه الوسيلة استعملها القرآن الكريم ، استعملها الرسول (صلى الله عليه وسلم)
في عرض القصص النبوى البليغ ، فكان لهما الأثر الممتد . 
وما أروع أن تكون قصصك من الواقع ، ستدهش حقا لما تراه من سيطرة على الموقف ، وامتاع حديثك .
٧- استعن بضرب الأمثال : 
ضرب المثل ، إنما هو تشبيه حالة ما بأقرب الأمثال شبها بها وأكثره مماثلة لها ،
يلتفت بها المرء من الكلام الجديد إلى صورة المثل المأنوس . 
وضرب المثل يحقق التأثيرات التالية : 
- تجديد وتنبيه وتنشيط للسامع والمتكلم . 
- له خلابته ورشاقته في النفس ، التى تظهر في شعوب المستمعين ، بأن سرائرهم تبتسم وتهش . 
* يقول ابن المقفع : (( إذا جعل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق وأنور للسمع واوسع لشعوب الحديث )) . 
من العبارات التي أصبحت مثلا من القرآن والسنة : 
- كل حزب بما لديهم فرحون . 
- إنما الأعمال بالنيات . 
٨- هيئ مستمعيك : 
بمعنى إنشاء نوع من التهيئة ، ليصل المستمع النفس حالك من الشعور ،
وتتنوع وسائل التهيئة وتختلف باختلاف المتحدث ، وليس لها قاعد ثابتة ،
لأنها ترمي إلى إنشاء مزج شعوري و ارتباط وجداني ، لكن أقوى هذه الوسائل استعمال الرقائق ،
لأنشاء صلات روحية فيكون المستمع معك غالباً على ما تريد ،
ولا يكون همك ما ألقيت وإنما ما أثرت في المستمع ، وجعلته جندياً في دعوة الله تعالى . 
• من الأمثلة النبوية :
حدث سلمان الفارسي رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أنبأنا علي بن
 عن أبي عثمان قال : كنت مع سلمان الفارسي تحت شجرة ،
فأخذ منها غصنا يابسا فهزه حتى تحات ورقة ، ثم قال : يا أبا عثمان ،
 ألا تسألني لم أفعل هذا ؟ فقلت : لم تفعله ؟ قال : هكذا فعل بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأنا معه تحت شجرة ، فأخذ منها يابسا فهزه حتى تحات ورقة ، فقال :
" يا سلمان ، ألا تسألني : لم أفعل هذا ؟ " . قلت : ولم تفعله ؟ فقال :
" إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلى الصلوات الخمس ،
 تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق . وقال : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ) 
ألا ترى كيف بهذا التمهيد الجميل ، صارت قلوبنا و عقولنا أكثر تقبلاً بل أكثر سراً وحيوية ،
بما مازجها من أنوار الآية وحسن توجيهها ؟! 
 
٩- وأخيراً : القواعد وحدها لا تكفي : 
قد يتبع البعض القواعد السابقة في حديثهم ، ولكنهم لا يهتمون بموضوعهم ولا يتحمسون له ،
فكيف ينتقل الاهتمام إلى المستمع ؟ .
نعم إن إثارة الاهتمام لا تكن باتباع القواعد وحدها ،
ولكن العدوى كما يقولون تنتقل على الفور من المتحدث أولاً  ، وذلك يتوقف على حالته ،
إن حالة المتحدث السيئة تسرى إلى السامعين وإن اتبع كل قواعد التأثير ، فكن على حذر . 
• لقد كان السر في متحدث القرن العشرين :
الإمام حسن البنا ، ليس في استعماله لقواعد التأثير فحسب ،
بل إنه حينما يتحدث أو يكتب أويألف أو يخطب ، أحسست بأنه ينقلك من محيط ويهدي إليك نفسك ،
 ويدعوا إلى الربانية الشاملة التى تهيئ لك حياة صالحة سعيدة ،
في حين كان السر في اخفاق غيره من أساطين اللغة ، وملوك الأسلوب ،
في الخطابة أو التأثير أو الصحافة أو التأليف ، إنهم فقدوا الغاية والإحساس ثم الفهم و الايمان ،
فتراهم يدهشوك بكثرة اطلاعهم ، وتنوع معارفهم ، وقد يحدثك للتسلية ، أو تراهم يتظرفون بالنكت اللبقة ،
والفكاهات البارعة ، ليقال إنهم مجددون ، يريدون تحقيق المؤانسة والمتعة العاطفية ،
ليجتمع حولهم السامعون ، وقد افتقر حديثهم للرسالة ، فضاعت كلماتهم من الوجود ،
لأن حالهم كمن كتب ثم محى ، تتأثر بكلامه ثم تبحث عنه لتعمل بأثره فلا ترى لهم وجوداً ،
 كالسراب ، أو كالدخان يعلو فوق طبقات الجو وهو وضيع . 









سخري الإمكانيات :
 
الداعية في كل عصر ومكان تختلف إمكانيتها المتاحة لها والإمكانيات 
التي من الله بها عليها في ذاتها .
و إن الأمة - وحالها لا يخفى على عاقل أو مهتم بأمته -
أحوج ما تكون إلى سلوك سبيل الإسلام في تطوير وسائل التكنولوجيا الحديثة
لخدمة هذه الدعوة التي كانت سبب خيرية هذه الأمة الرائدة .
ثم إن عصرنا الحالي ظهرت فيه وسائل متعددة في التواصل والاتصال ؛ فمنها :
تطبيقات شبكة الإنترنت المختلفة ، والموسوعات الإلكترونية المطبوعة على أقراص مدمجة «CD» ،
ومنها أيضاً الهاتف الجوال ، وما يشمله عالم الكمبيوتر من
(البالتوك ، والبريد الإلكتروني ، والمنتديات والشات ، والجروبات ... وغيرها كثير) .
والداعية إلى الله لا ينبغي لها بحال من الأحوال أن تنفصل عن هذا التقدم الحادث في وسائل الدعوة ،
فعليها أن تستفيد من هذه التقنيات الحديثة ؛
لأن التقوقع داخل المحاضرات فحسب دون الاستفادة من الوسائل الأخرى 
تنفق كثيراً من الوقت والجهد الذي يمكن توفيره .
 
كيفية الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة المتوفرة في خدمة دعوتهـــم
وتحقيـــق أهــــداف رسالتهــم و «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ ؛ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا»
فالداعية مطالَبة أن تطوِّر ذاتها وأن تطور من دعوتها ووسائلها ، 
ورحم الله الرافعي حين ترجم لهذا المعنى بقوله :
"إن لم تزد شيئاً على الدنيا : كنت أنت زائداً عليها"
​وأهدافنا من هذا المحور :
١ - وضع الخطوط العريضة في كيفية الاستفادة الواقعية منها .
٢ - تثقيف الصف المسلم بما يلزمه في عصر التكنولوجيا المتطورة .
٣ - إثبات أن الدين الإسلامي دين واقعي متــميز متوازن .
٤ - شرح كيفية استخدام الإنترنت والموسوعات العلمية الإلكترونية
استخداماً صحيحاً بعيداً عن الانحراف ؛ بحيث يسوق إلى الحق ، ويدفع إلى التميز والفلاح .
وتنبع أهمية هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة من الأسباب الآتية :*
١ - اهتمام غير المسلمين بوسائل الاتصال الحديثة ؛ ل
دفع الناس إلى تحقيق مكاسب مادية بحتة . بينما كان الأوْلَى ببني الإسلام أن يأخذوا بهذه الوسائل الحديثة .
٢ - لأن الوسائل التكنولوجية اليوم تتميز بانعدام المحدودية ؛
فليس لها حدود زمانية ولا مكانية ولا نوعية أو جنسية ؛
ولذا فهي تتخطى كل الحواجز ، أضف إلى ذلك سهولة استخدامها وصيرورتها شيئاً عادياً ،
ليس من الصعب التواصل بها والتعامل معها .
٣ - لتوجُّه أنظار الناس جميعاً إلى هذه الوسائل واهتمامهم وتعلقهم بها .
٤ - اختلاف أنواعها ، وأشكالها (فمنها الصوتي ، ومنها الصوري ، ومنها الفيديو ، ومنها الرسائل ...) ،
وهو ما يدعم أهميتها .
٥ - أنها تصل إلى الملايين في كـافة أنحاء العـالم ،
وهو ما يمكِّن الداعية من الوصول إلى الناس بسهولة وبدون تضييقات معينة .
 
إن حُبكِ  للخير ونصحكِ للأمة يجعلانك تسخري كل ما حولكِ خدمة للدعوة .
 
فالأمة تريد تلك الداعية صاحبة الهمة العالية التي لا تعرف الكسل ولا الفتور ،
 فهي الأول دائماً ، سخرت كل جهدها لله ، تهجر النوم والوسادة وتترك المباحات لتفعل الواجبات ،
 إنها نادره في هذا الزمان ، وجوهرة في سوق الدعاة .

الأمة تريد تلك الداعية التي لا تسعى إلا لخدمة دينها ونفع العباد ، فالهدف الأكبر :
" هو نصرة الدين" { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ } 
أين تلك الداعية التي يعتبرها الناس قدوة في أخلاقها وفي أدبها وفي سلوكها ؟
إنه الداعية الصامت الذي ينتفع الناس برؤيته قبل كلامه . 
إننا نحتاج إلى تلك الداعية التي تعرف قدر الناس ، وتنزلهم منازلهم ،
فهي حكيمة في التعامل معهم ، تعرف أقدار الناس وتعلم الطرق المناسبة في التعامل معهم .
إن الأمة تحتاج إلى ذلك الصنف من الداعيات
الذين يحرصن على اغتنام الفرص وتسخيرها في خدمة الدين ، فهي ذكية وعاقلة في اقتناص الفرص
{ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ } .
الداعية التي تبدأ في تطوير نفسه عبر الدورات " التدريبية" و"النفسية "
فهي لا تتال في ارتقاء وتجديد وتطوير ، ولا ترضى لنفسها البقاء في " مرتبة واحدة " .
ونحن بحاجة إلى الدعاة الذين يستفيدون من كل وسائل التقنية
في خدمة الدين فهم قد دخلوا " الانترنت" وإنشاء المواقع النافعة ، والبرامج الجديدة في " الحاسب الآلي" وغيرها .
إن الداعية الحكيمة تعرف متى تتكلم ومتى تسكت فهي حكيمة في " ضبط لسانها ،
ولا تثيرها المواقف للحماس الذي لا ضوابط لها ، 
بل هي في المواقف ولكن لا تتكلم إلا بما يخدم المصلحة العامة .
نريد داعية لا تقف عند طريقة ولا تعرف إلا التجديد والتنويع ، فهي "شعلة " لا تنطفئ








لا تضيعي الفرص -

الدعوة ليست حكراً على العلماء وطلبة العلم وحسب ، ولكنها مسؤولية الجميع .
قال تعالى :
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} يوسف 108
وأن الداعية الفطن .. يستغل الفرصة السانحة
فلا يخرج من مكان إلا وينتهز فرصة تواجده ومروره في هذا المكان ..
 البيت ، المسجد ، السوق ، الشارع ، الاحتفالات !
 
يكون الداعية فيها وفي غيرها من الأماكن لحاجته لها أو دعوته لها
أو يكون هذا الداعية ذا منصب أو مال يقبل الناس عليه لحاجتهم له
لكن على كل داعية أن لا يغفل عن وظيفته الأساسية .. التذكير بالله !
 
وتعالي معي وأطلعي هذا يوسف عليه السلام في السجن يدعو إلى الله 
ويستغل حاجة الناس إلى تعبيره للأحلام
 
على الداعية أن يقدم النصيحة مع حاجة الناس إليه ،
حتى يتقبل الناس هذه النصيحة بدافع الحاجة ، ويكون من المحسنين فيقبلون عليه ،
 فإذا أقبل الناس عليه فإن عليه أن يستغل فرصة ما يقدمه من خدمة في سبيل الدعوة ،
ولذلك لما قال الغلامان : {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف:36]
استغل الفرصة يوسف عليه الصلاة والسلام ،
وقدم لهما من النصائح ما يستفيدان منها مقابل أن يقضي حاجتهما ، فقال :
{أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف:39] ،
 فهما ما جاء ليعظهما وإنما جاء ليعبر لهما الرؤيا ،
لكنه رأى أنه يقدم هذه النصيحة قبل أن يعبر لهما الرؤيا ؛
 لأنهما بحاجة ماسة إلى أن يعبر ويفسر لهما رؤيا هما التي رأياها في المنام ،
 وهذا أيضاً منهج في الدعوة إلى الله تعالى ،
كما أن المنهج الأول ينبني على أن الداعية أن يقدم بين يدي دعوته إحساناً ومعروفاً
لهؤلاء الناس حتى يكون محبوباً لدى الجميع فإن عليه أيضاً أن يقدم النصيحة 
وهي ملفوفة بلفائف حاجة هؤلاء الناس .
والاستفادة من الفرص السانحة للتوجيه المن خلال الأحداث الجارية 
بطريقة حكيمة تحبب من الخير وتنفر من الشر .









استمري ولا تنقطعي
 
قد أوجب الله علينا جميعاً التواصي بالحق والتواصي بالصبر ، 
ولا نجاة لنا من الخسر إلا بالدعوة إلى الله حتى نهاية الحياة .
 
إن مما يراه المرء في هذا الزمن – زمن الفتن من شبهةٍ ، أو شهوةٍ ، أو بدعة –
يُرى بعضاً من الدعاة إلى الله تعالى يصول ويجول في دعوته إلى الحق ،
ويحرص على هداية الناس ما يترك شاذةً ولا فاذةً إلا عملها أو شارك فيها ؛
حرصاً على اكتساب الأجر واغتنام الفضل ، ينعصر قلبه حرقة لهذا الدين القويم ،
ويتألم إذا أهين عباد الله المتقون ، وتمضي به السنون وهو على هذا المنهاج القويم والصراط المستقيم .
 
ثم بعد هذا النشاط يدب الفتور والبرود إليه ، ويتخلى عن دعوته ،
لا انتكاساً ولكن تقاعداً وانشغالاً بالولد والرزق وكثرة الارتباط
كما يزعم ظاناً أنه صاحب الفضل على هذه الدعوة وأهلها ،
وأنه سيفتح المجال لغيره ، أما هو فقد بلغ في نظره من الكِبَر عتياً ،
مقتصراً على الأجور العظيمة والفضائل الكثيرة التي عملها من قبل إن كان مخلصاً نقياً .
وبعد هذا الانقطاع يرى أنه سينعكف على تربية أولاده وبناء نفسه
التي في نظره أنه أهملها كثيراً من خلال ما تقدم من سنوات في دعوته .
 
وبعد ذلك يبدأ نشيطاً في برنامجه الجديد مصمماً السير على منهجه الذي وضعه لنفسه ،
وبعد حين يتوسع في المباح وتتزعزع تلك المبادئ الشرعية
التي لا يمكن أن يفتح المجال للكلام والخوض فيها في عز دعوته ،
حتى إن البعض منهم ما بينه وبين الانتكاس إلا ما هو أقل من خيط بيت العنكبوت .
 
إن المرء ليَحزن قلبهُ ويضيقُ صدرهُ حينما يرى ويشاهد أعداء هذا الدين
وقد عكفوا على محاولة هدم هذا الدين وإفساد أخلاق أهله ليل نهار ،
ويعجب من صبرهم وجَلَدهم على باطلهم ،
بينما صاحب الحق والدعوة الناصعة والحجة البينة الواضحة
قد تقاعس في دعوته وبخل على أمته في أشد ما تكون حاجتها إليه .
 
إن على المرء المؤمن أن يسأل نفسه ماذا قدمت لهذا الدين ،
وخدمة عباد الله المؤمنين أمام هذا السيل الجارف من الفساد في العقائد والأخلاقِ .
المنقطعة عن الدعوة قد بخلت هذه الداعية على أمتها بشيء من عملها اليسير
 وجُهدها القليل بينما هي قدمت لها الشيء والشيء الكثير .
 
كيف تبخلين وتنقطعين عن خدمة أمته ونصرتها بعد أن ذوقتي حلاوة الدعوة إلى الله ،
ولذة الحرص على هداية عباد الله ؟
 كيف يقعد عن الدعوة مَنْ يرى أمته تهوي في مكانٍ سحيق وتقرب من عذاب الله الأليم ،
وهو متبلد الإحساس ، فاقد الضمير ، لا يأمر ولا ينهى ، ولا يدل ولا يرشد ،
همه جيبه ومصلحته ، غايته هندامه ومركبه ، قرة عينه ولده وزوجه ؟؟!
أما أمته التي غُزيت من كل جانب فقد خذلها في أشد ما تكون حاجتها إليه .
 
لقد نسي هذا القاعد عن دعوته -أو تناسى- أن دين الله وإن حدث له ما حدث فإنّ النهاية له ،
والنصر حليفه حقاً ويقيناً لا مرية فيه ؛ فهذا الدين لا ينتظره لينصره فنصره ليس واقفاً عليه ،
ولكن لهذا المرء الشرف والعزة والرفعة أن يكون من المشاركين في نصرة هذا الدين .  
 
الصالح والصالحة الذي أمسكوا عن النصح لعباد الله وأكتفوا بأنفسهم وكتموا العلم
 مصيرهم النار نسأل الله السلامة . 
أبي بكر حينما أسلم أنطلق مباشرة يبلغ ويبلغ ماذا إلى الآن لم يعرف إلا الشهادتين
ثم يأتي رسول الله بهد فترة يسيرة وقد أسلم على يده فلان وفلان من الصحابة .
والله أن الأمة تحتاج كل جهد تبذلينه كل كلمة تنطقين بها
كل حرف تكتبينه كل إشارة أو سلوك منكِ كله كله في ميزان نصرة الاسلام
لا يضيع ولن يضيع ! فأعملي وأبشري .









لا تعجلي -

لا تستعجلي على قطف الثمرة ..
وإلا ستأكليها حامضة لا طعم فيها ..
وقبل ذلك ركِّزي أعمالك ومجهوداتك .. وتعايش معها .. وأبدع فيها ..
ولا عليكِ من النتائج فإنها تأتيكِ حلوة لن تنسي شهدها وعذوبتها ما بقيتي ..
 
كثيرًا ما يحدث أن يستعجل الناس الثمرة وخصوصًا العاملين في العمل العام
 في الدعوة إلى الله أو التربية ، يستعجل الثمرة وقد تتأخر الثمار فما العمل إذن ؟
 هل نتعامل مع هذا باليأس والقنوط وترك العمل أم نتعامل مع هذا بالعبر
واليقين في وعد الله وأن نُحكم أعمالنا ونراجعها ونقف مع أنفسنا ونُقَوِّم أعمالنا وترتيباتنا مرة بعد مرة ؟
يقول الله سبحانه:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ *
وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
[آل عمران: 146, 147]

إذن فها هنا أمور إذا ما تأخرت الثمار:
أ- عدم الوهن أو الضعف أو الاستكانة ولكن الاستمرار في الثقة بالله سبحانه .
ب - تطبيق معنى الصبر والثبات مهما حدث .
جـ - محاسبة الأنفس ومراجعة الأعمال وتطهيرها من الذنوب والخطايا .
د - طلب النصر والمعونة والقوة من الله سبحانه والاستعانة به .
هـ - تقويم الأعمال والوقوف على الخطأ فيها ومحاولة إصلاحه وتعديله .
إن الفارق بين الصادق وغير الصادق ،
أن الصادق هو الذي يستمر في العمل مهما كانت الظروف ، أقبلت أو أدبرت ، أمطرت أو حبست ،
 فهو مستمر في العمل ، أما غير الصادق ، فهو المنكسر عند أول عائق ، المتوقف إذا أبطأت عنه الثمار .
وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة ( فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال :
 (قد كان من قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض فيُجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار ،
فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ،
 ما يصده ذلك عن دينه ، والله ليُتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب
من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ،ولكنكم تستعجلون) أخرجه البخاري ،
قال ابن عثيمين رحمه الله تعليقًا على هذا الحديث : (فليصبر المؤمن ولينتظر الفرج ، ولا يمل ،
 ولا يضجر ، بل يبقى راسيًا كالصخرة ، والعاقبة للمتقين ، والله تعالى مع الصابرين ،
 فإذا صبر وثابر وسلك الطريق توصل إلى المقصود ، ولكن بدون فوضى وبدون استنفار وبدون إثارة ،
 بطريق منظمة ؛ لأن أعداء المسلمين من المنافقين والكفار يمشون على خطى ثابتة منظمة ،
 ويحصلون مقصودهم ، أما عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال : 
شكونا إلى رسول الله وهو متوسد ببردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا ؟!
 فقال :  قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الارض ،
فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ،
ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه والله ،
ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ،
 والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون  .
فالله لا يضيع لكِ عمل والقلوب العاصية القاسية لا تنسى شطر كلمة منكِ وتذكرها في كل لحظة ..
فلا تستعجلي النتائج وظني بالله خيراً ...









تعاوني 󾁃 ..
 
أن أي عمل تشترك فيه الأيادي .. وتتكاتف فيه يخرج أفضل بكثير من أي جهد فردي ..
 
و الداعية لله لابد وأن يكون متعاوناً مع غيره من أهل الخير
وأن يسعى معهم في تنافسٍ شريف ومساعدة للصغير منهم
والذي يجد قصور في العلم ، واستفادة من الكبير منهم ذو الخبرة والعلم
وقد أمر الله سبحانه بالتعاون في كل عمل ، فقال :
{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2
والله سبحانه خير معين ، فالمسلم يلجأ إلى ربه دائمًا يطلب منه النصرة والمعونة في جميع شئونه ،
ويبتهل إلى الله سبحانه في كل صلاة مستعينًا به ، فيقول : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }الفاتحة5
 
ولا يقتصر ذلك على البشر ، بل التعاون فطرة في جميع مخلوقاته ،
 حتى في أصغرهم حجمًا ، كالنحل والنمل وغيرها من الحشرات ،
فنرى هذه المخلوقات تتحد وتتعاون في جمع طعامها ،
وتتحد كذلك في صد أعدائها . والإنسان أولى بالتعاون لما ميزه الله به من عقل وفكر .
 
 
التعاون في حياة الأنبياء :
 
- إبراهيم عليه السلام : حيث أمره الله أن يرفع جدران الكعبة ،
 ويجدد بناءها ، فقام إبراهيم عليه السلام على الفور لينفذ أمر الله ،
وطلب من ابنه إسماعيل عليه السلام أن يعاونه في بناء الكعبة ،
 فأطاع إسماعيل أباه ، وتعاونا معًا حتى تم البناء ، قال تعالى :
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة127
 
 
- موسى عليه السلام : حيث عندما أرسله الله إلى فرعون ؛ ليدعوه إلى عبادة الله وحده ،
 طلب موسى عليه السلام من الله سبحانه أن يرسل معه أخاه هارون ؛
ليعاونه ويقف بجانبه في دعوته ، فقال : {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي{29}
هَارُونَ أَخِي{30} اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي{31} وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} {32} سورة طه ،
 فاستجاب الله تعالى لطلب موسى ، وأيده بأخيه هارون ، فتعاونا في الدعوة إلى الله ؛
حتى مكنهم الله من النصر على فرعون وجنوده .
 
  
-  أما النبي مُحمد صلى الله عليه وسلم :
 فيظهر تعاونه وحثه على التعاون في المواقف التالية .
 وقال صلى الله عليه وسلم: "يد الله مع الجماعة " رواه الترمذي
وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا . وشبك بين أصابعه "
- التيسير والعون من الله : فالمسلم إذا كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ،
ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، 
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
وهل هناك حاجة أعظم من أن تدله على على الله !
 
وقال صلى الله عليه وسلم :( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ،
 نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر ،
 يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة ،
والله في عون العبد ، ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ،
سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما جلس قوم في بيت من بيوت الله ،
يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ،وغشيتهم الرحمة ) رواه مسلم ،
'وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه' . 
 






تصبري ()
وحديثنا الآن حول الصبر في الدعوة إلى الله سبحانه .
فالله سبحانه وتعالى ينادي المؤمنين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ،
 فهو سبحانه يأمر بالصبر ، بل أن نَفُوْقَ عدونا صبرا فنصبر أكثر من صبرهم ؛
فإن الفوز والنصر للصابرين ، فهو سبحانه يقول : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: من الآية249) .
والله يأمر نبيه بالصبر مع من يدعوهم فيقول سبحانه :
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (الكهف: من الآية28) .
 
وليكن صبرنا في الدعوة هو السلاح الواقي :
(وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (آل عمران: من الآية120) 
ولنعلم أن أجر الصابرين عظيم : (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ،
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) .
 
وتاريخ الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم خير مثال يوضح الصبر العملي .
يثبتون على حجتهم مهما خالف القوم ، فهذا نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً
 لا يمل من دعوتهم ولم يدع عليهم ، ولم ينحرف نحوهم رغم كثرة عدد الكافرين
ورغم أن زوجه وولده كانوا من الكافرين . فلما أعلمه ربه :
 ( وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ ) ، دعا عليهم فقال :
(وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا    * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا.   ) ،
 وصبر على استهزائهم بدعوته.
 
وكذلك صبر إبراهيم عليه السلام في قومه وكانت الحجة مَنطِقَه الذي يدعوهم به ،
فحاج ملكهم الذي ادعى أنه إله من دون الله فبهت الذي كفر .
وحاج عبّاد الكواكب فغلبهم ، وحاج عبّاد الأوثان بالحجة العملية فأقروا أنهم الظالمون ،
لكن لما غلبهم بالحجة قالوا : (حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) ، فالعبد الضعيف ينصر إلهه ،
ضعف الطالب والمطلوب . لكن  الله جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم .
 
وكذلك صبر إسماعيل على الذبح ففداه الله بذبح عظيم .
وصبر يعقوب على كيد ولده وفراق يوسف فأظفره الله .
وصبر يوسف على ترك الشهوة الحرام لما دعته ذات المنصب والجمال فقال : معاذ الله .
وصبر على السجن مظلوما . بل لما خير بين الفحشاء والسجن قال :
 (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) . وكان عاقبة صبره أن رفعه الله في الدنيا، ولأجر الآخرة أكبر .
 
وكذلك صبر أيوب ، وصبر داود ، وصبر موسى صبراً عظيما على فرعون ،
بل وعلى بني إسرائيل يدعوهم فيتفلتون ،
وصبر عيسى عليه السلام حتى أراد قومه صلبه لما لم يستطيعوا مجاراته فأنجاه الله منهم ورفعه إليه :
(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (النساء: من الآية157)،
وكان صبر نبينا الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم أعظم الصبر وعاقبته خير عاقبة ،
وجعل ذكره باقيا حيث جعل الله معجزة كل نبي تنتهي قبل موته ،
 فلم يبق إلا أكبر معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم
وهي التي أبقت في القلوب الإيمان بالأنبياء وبمعجزاتهم وبنزاهتهم وصدقهم وصبرهم في دعوتهم لأممهم .
 
والله سبحانه جعل في كل أمة رسولا ،
فلما ختم الرسالات جعل الدعاة إلى الله هم الذين يخلفون الرسل في هذه الدعوة
 فيقومون بها فلابد أن يتخذوا من الصبر والعلم والإخلاص عدة لهم حتى يؤيدهم الله بقوته :
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً) (المائدة: من الآية3).
 
فمنهج الإسلام منهج كامل لا يحتاج إلى إضافة أو حذف أو تغيير ؛ لأن الله أكمله وأتمه ورضيه .
 من  أجل ذلك كانت الدعوة إلى الله بالقرآن والسنة
كما فهمها خير القرون الذين زكاهم الله وزكاهم نبيه صلى الله عليه وسلم
هو المنهج الصواب الذي يجب علينا أن نصبر على تعلمه ، وأن نعلمه الأهل والأقارب ، 
وأن نصبر على تعليمه للناس .
 
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الصابر الأول ، إمام الصابرين في كل أمر .
وجاءه الوحي يعلمه الصبر من أول نزوله حيث جاءه الملك في الغار يقول له :
( اقرأ . قال : "ما أنا بقارئ" : قال : " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد" ،
ثم قال لي : "اقرأ" .  فمع التكليف ضمه ضمة قوية لتعلم الصبر .
فلما أمره : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ، كان أول كافر به عمه أبو لهب فصبر .
فلما جاءه قومه يعرضون عليه العروض للتخلي عن الدعوة قال :
"والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أدع هذا الأمر
حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما فعلت" ، فصبر على الدعوة .
فلما آذاه قومه بالسباب والهجر وسائر صنوف الأذى صبر ، فلم يدع عليهم ، بل دعا لهم بالهداية .
فلما قاتلوه صبر لقتالهم .
وأخذ يصبر في دعوة الناس ، فيقبل من جاهلهم ، 
ويعفو عن مسيئهم ويرشد ضالهم ويحلم على من يسفه عليه .
ولقد سار سلف الأمة من الصحابة ومن بعدهم على منهج النبي صلى الله عليه وسلم
في الدعوة والصبر . فصابرو في طلب العلم والعمل به والدعوة إليه ،
فنشر الله بهم الإسلام حتى ملأ آسيا وأفريقية ، ودخل أوربا ، فنحن بعض ثمار دعوتهم .
 
فالمسلم في حاجة إلى الصبر لتحصيل العلم وطلبه .
 
 فيصبر مع القرآن والسنة حفظاً وفهماً ، ويصبر على لزوم الصحيح من الأفهام ،
فلا تغره شبهات أهل الضلال ، ولا تنحرف به سبل الشيطان ، فتفرق به عن سبيل المؤمنين ،
 ثم يصبر المسلم على العمل بذلك العلم فتكون القلوب معتقدة الحق والجوارح
عابدة لربها مقتدية بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويكون السلوك موافقا 
لذلك العلم في النفس والمال وكل أمر لله فيه مقال .
 
ثم يصبر المسلم على ترك المعاصي رغم توفر دواعيها في النفس
وتفشيها في المجتمع من حوله ، ثم يصبر على دعوة الناس لذلك العلم
متحملا صعاب الدعوة صابرا مع المتعلمين ، يرفق بهم ، ويحسن إليهم .
 







آثار الدعوة إلى الله والدعاة :
-نشر الصلاح والوقاية من الفساد ، واتقاء النقمات .
مما لا ريب فيه : أن من أعظم آثار الدعوة إلى الله نشر الإصلاح بين الناس ، 
و كبح جماح الفساد في الأرض .
لذلك حث الإسلام على الصلاح والإصلاح عامة ، ونهى عن الفساد والإفساد عامة  
قال تعالى: {يَأَيّهَا الرّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطّيّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51  
وقال سبحانه: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً
إِنّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ}  [الأعراف: ]56].
وقال: {وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الأرْضِ} [القصص: ]77].
وأعظم الله تعالى المواكبين لدعوتهم بالعمل الصالح ، فقال سبحانه :
{{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمّن دَعَآ إِلَى اللّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنّنى مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
ورتب الله أجراً عظيماً على الإصلاح بين الناس ، كلِّ الناس ، دون النظر إلى أصولهم ، 
أو أنسابهم ، أو ألوانهم . 
قال سبحانه : {لاّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نّجْوَاهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النّاسِ} [النساء: 114].
وجعل للصالحين إرث الأرض في الدنيا ، فقال تعالى :
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصّالِحُونَ}  [الأنبياء: 105].
وجعلهم ورثة الجنة في الآخرة ، قال تعالى :
{وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ نَتَبَوّأُ مِنَ الْجَنّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}  [الزمر:74].
قال سبحانه : {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِى رَحْمَتِنَا إِنّهُمْ مّنَ الصّالِحِينَ}  [الأنبياء: 86].
 وقال سبحانه : {إِنّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120].
 وكره الله الفساد وأهله ، فقال سبحانه : {وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الفَسَادَ}  [البقرة: 205].
وقال : {وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ}  [المائدة: 64].
 
وطلباً للإصلاح ، ودفعاً للإفساد ، قرر الإسلام عقوبة صارمة لمن يبغي الفساد في الأرض ،
 قال سبحانه : {إِنّمَا جَزَآءُ الّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأرْضِ فَسَاداً
أَن يُقَتّلُوَاْ أَوْ يُصَلّبُوَاْ أَوْ تُقَطّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدّنْيَا وَلَهُمْ فِى الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}  [المائدة: 33].
 ذلك لأن الفساد في الأرض ، يجلب الظلم والقهر ، ويدفع إلى الاغتصاب ،
 ويضيع الحقوق ، ويشيع الفوضى ، فُيفقدُ الأمنُ ، وتضطربُ المعايشُ . 
ويهلك الحرث والنسل ، فلا يستقر للناس قرارك .
 
 
وفي مقام التعارف بين البشرية :
قال تعالى : {يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوَاْ} [الحجرات: 13].
وفي مقام المحبة بين العباد قال تعالى :
{إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرّحْمَنُ وُدّا} [مريم: 96].
 وقال تعالى : {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَى الْكَافِرِين} [المائدة: 54].
وفي مقام الأخوة :
قال تعالى : {إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}  [الحجرات: 10]
وقال : "صلى الله عليه وسلم : "وكونوا عباد الله إخواناً"[19]. 63 
وفي مقام السلام العزيز ، قال تعالى : 
{وَإِن جَنَحُواْ لِلسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ} [الأنفال: 61]
وإن من أكبر الشواهد على صدق هذا ، ما حققته الدعوة الإسلامية حين انتشرت
في مشارق الأرض ومغاربها ، من تعارف هذه الشعوب ، مع تباعد أقطارها ،
 وانفتاح بعضها على بعض ، مع تنافر طباعه ا.. وتآلف بعضها مع بعض رغم اختلاف ثقافاتها ..
ثم اتحادها فيما بينها رغم تفاوت أجناسها وألوانها .
 فانقلب ما كان بينهم من تطاحن ودماء ، إلى محبة وإخاء ، وأصبحوا عباد الله إخوانا ،
يُعلّم بعضهم بعضا ، ويدافع بعضهم عن بعض ، بعد أن كانوا أعداء ، يقتل بعضهم بعضا .
قال تعالى : {وَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الأرْضِ جَمِيعاً مّآ أَلّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنّ اللّهَ أَلّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63].
فهذا الإمام أبو حنيفة النعمان إمام الفقه ، والناس في مشارق الأرض ومغاربها عالة عليه في ذلك ،
وهو ليس بعربي ، يتبعه العرب والأعاجم على اختلاف أصولهم .
وهذا الإمام البخاري من بخارى ، وهي من أبعد البلاد عن العرب ،
أصبح إمام الثقلين في حديث النبي ، يأخذ منه العرب قبل العجم ، ولا غنى للأمة البتة عن كتبه .
وهذا القائد طارق بن زياد البربري ، كان قائداً للعرب ولقومه .
وما كان لهؤلاء تلك المنزلة إلا بعد قبولهم لدعوة الإسلام .
 وغير هؤلاء ألوف مؤلفة أصبحوا علماء ، وقادة ، وأمراء ، متعاونين متآلفين ،
بعد أن كانوا من بلاد شتى متنافرين ، ومن أصول مختلفة متحاربين .
 وأما تلك الشعوب التي تعد بألوف الألوف ، المتنافرة و في كل شيء ، في أصلها ، ولغتها ،
 وثقافتها ، ودينها .
أصبحت -بعد أن انتشرت الدعوة فيها- أمة واحدة ، ذات ثقافة واحدة ،
 تكاد تتحدث بلسان واحد ، قد تآلفت قلوبها .. وتوحدت صفوفها ، قبل هذا التمزق المتأخر .
 
مصداقًا لقوله تعالى : {وَإِنّ هَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاتّقُونِ}  [المؤمنون: 52]