الاثنين، 10 نوفمبر 2014

الدرس السابع | فقهيات |




 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :

أم عمــر




[الدرس السابع]



بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن  محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

حياكن الله أخواتي في الله مساء عامر بذكر الله ومحبته .


درسنا اليوم بإذن الله عن :


( صفة الصلاة الصحيحة)


ولا يخفى عليكم أخواتي في الله مكانة الصلاة وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ ، الصَّلاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "

والصلاة نهر من الطهارة والمغفرة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي قال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ " قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " [متفق عليه] .

وقد فُرِضَت الصلاةُ ليلة الإسراء ، كما جاء ذلك ثابتًا في الصَّحيح من حديث أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- حينما أُسْرِيَ به -صلى الله عليه وسلم- فقال -صلى الله عليه وسلم: " فَفَرَضَ اللهُ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَلَقِيَنِي مُوسَى ، فَقَالَ : كَمْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكَ ؟ قُلْتُ : فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً . قَالَ : إِنِّي قَدْ خَبِرْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ " . قَالَ : " فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي، فَحَطَّ عَنِّي عَشَرَةً ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ " . قال -صلى الله عليه وسلم: " فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى حَتَّى قَالَ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ، هِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَهِيَ خَمْسُونَ فِي الْمِيزَانِ " .

والأحاديث في هذا الباب كثيرة وكان للسلف الصالح رحمهم الله أقوال ومواقف تبين تعظيم الصلاة ومكانتها عندهم :

فلقد قال سعيد بن المسيب : ما دخل عليّ وقت صلاة إلا وأنا إليها مشتاق .

أسأل الله أن يفتح على قلوبنا ، ويرزقنا لذة طاعته والإقبال عليها .

نبدأ أحبتي في بيان صفة الصلاة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلقد صح عنه :

" صلوا كما رأيتموني أصلي "

يتوجه المصلي إلى القبلة وهي الكعبة أينما كان بجميع بدنه قاصداً بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة ، ولا ينطق بلسانه بالنية لأن النطق باللسان غير مشروع ، لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية ولا أصحابه رضي الله عنهم، ويُسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماماً أو منفرداً ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلّم بذلك .

يكبّر تكبيرة الإحرام قائلاً ( الله أكبر ) ناظراً ببصره إلى محل سجوده .

يرفع يديه عند التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى حيال أذنيه .

يضع يديه على صدره ، اليمنى على كفه اليسرى .




يسن أن يقرأ دعاء الإستفتاح وهو : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من خطاياي كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " .

وإن شاء قال بدلاً من ذلك "سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك " ثم يقول : "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم" ويقرأ سورة الفاتحة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" ويقول بعدها ( آمين ) جهراً في الصلاة الجهرية ، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن .

يركع مكبراً رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه ، جاعلاً رأسه حيال ظهره ، واضعاً يديه على ركبتيه ، مفرقاً أصابعه ، ويطمئن في ركوعه ويقول : "سبحان ربي العظيم" والأفضل أن يكررها ثلاثاً أو أكثر ، ويستحب أن يقول مع ذلك : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي"




يرفع رأسه من الركوع ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً : "سمع الله لمن حمده" إن كان إماماً أو منفرداً ، ويقول بعد قيامه : "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" ، وإن زاد بعد ذلك : "أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" فهو حسن ، لأن ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الصحيحة .

أما إن كان مأموماً فإنه يقول عند الرفع : "ربنا ولك الحمد" إلى آخر ما تقدم .


 ويستحب أن يضع كل من يديه على صدره ، كما فعل في قيامه قبل الركوع ،


يسجد مكبراً واضعاً ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك ، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه ، مستقبلاً بأصابع رجليه ويديه القبلة ، ضاماً أصابع يديه ، ويكون على أعضائه السبعة : الجبهة مع الأنف ، واليدين والركبتين ، وبطون أصابع الرجلين .




ويقول : "سبحان ربي الأعلى" ويكرر ذلك ثلاثاً أو أكثر . ويستحب أن يقول مع ذلك : "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" ويكثر من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم "أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكـم" وقولـه صلى الله عليه وسلـم : "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" رواهما مسلم في صحيحه . ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة ، سواء أكانت الصلاة فرضاً أو نفلاً ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

"اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه إنبساط الكلب"


يرفع رأسه مكبراً ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويدع يديه على فخذيه وركبتيه ويقول : "رب اغفر لي، رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني وعافني واهدني واجبرني" ، ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .

يسجد السجدة الثانية مكبراً ، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى .

يرفع رأسه مكبراً ، ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين وتسمى جلسة الاستراحة ، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء . وإن تركها فلا حرج ، وليس فيها ذكر ولا دعاء ، ثم ينهض قائماً إلى الركعة الثانية معتمداً على ركبتيه إن تيسر ذلك ، وإن شق عليه اعتمد على الأرض ، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة . ثم يفعل كما فعل في الركعة الأولى



إذا كانت الصلاة ثنائية ، أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد ، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصباً رجله اليمنى ، مفترشاً رجله اليسرى ، واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى ، قابضاً أصابعه كلها إلا السبابة ، فيشير بها إلى التوحيد ، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلق إبهامهما مع الوسطى ، وأشار بالسبابة فحسن ، لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم . والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ، ويضع يده اليسرى ، على فخذه اليسرى وركبته ، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس . وهو " التحياتُ لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيُها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله " ثم يقول : " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " ، ويستعيذ بالله من أربع فيقول : "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال" ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس ، سواء أكانت الصلاة فريضة أو نافلة، ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلا : "السلام عليكم ورحمة الله ... السلام عليكم ورحمة الله".




إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب ، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء ، قرأ التشهد المذكور آنفاً ، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نهض قائماً معتمداً على ركبتيه ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه قائلاً ( الله أكبر ) ويضعهما أي يديه على صدره ، كما تقدم ويقرأ الفاتحة فقط . وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة على الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس ، لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد .

ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب ، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشـاء ، ويصلي على النبي ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ، ويكثر من الدعاء ، ومن ذلك : "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية . لكن يكون في هذا الجلوس متوركاً واضعاً رجله اليسرى تحت رجله اليمنى ، ومقعدته على الأرض ناصباً رجله اليمنى ،

يسلم عن يمينه وشماله ، قائلا : "السلام عليكم ورحمة الله ... السلام عليكم ورحمة الله" .

ويستغفر الله ثلاثاً ويقول : "اللهم أنت السلام، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون" .

ثم يأتي بالأذكار المعروفة بعد الصلاة من تسبيح وتحميد وتكبير

ويستحب لكل مسلم ومسلمة ، أن يحافظ على اثنتي عشرة ركعة في حال الحضر ، وهي : أربع قبل الظهر ، واثنتان بعدها ، واثنتان بعد المغرب ، واثنتان بعد صلاة العشاء ، واثنتان قبل صلاة الصبح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها ، وتسمى الرواتب .

وقد ثبت في صحيح مسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعاً بنى له بيتاً في الجنة" .



"http://m.youtube.com/watch?v=OE7OBxvLp14&desktop_uri=%252Fwatch%253Fv%253DOE7OBxvLp14

صفة الصلاة الشيخ : محمد العريفي .



الدرس السادس | فقهيات |

 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :

أم عمــر




[الدرس السادس]



بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله الذي أخرجنا بالإسلام من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ، والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، وشرع الإسلام وجعل له منهجاً ، وأعز أركانه على من غالبه ، فجعله أمناً لمن تمسك به ، وسلماً لمن دخله ، وبرهاناً لمن تكلم به ، وشاهداً لمن خاصم عنه ، ونوراً لمن استضاء به ، وفهماً لمن عقل ، ولباً لمن تدبر ، وآيةً لمن توسم ، وتبصرةً لمن عزم ، وعبرة لمن اتعظ ، ونجاة لمن صدق ، وثقة لمن توكل ، وراحة لمن فوض ، وجنة لمن صبر،وأصلي وأسلم على من بُعث رحمة للبشر .


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساءكم رضا وتوفيق وحياكن الله أحبتي في لقاء جديد نبدأ مستعينين بالله .

بفضل من الله أتممنا  ( باب الطهارة )


وقد تناولناه بشيء من الإختصار والتبسيط وكما قلنا سابقاً هو باب واسع ولكننا تناولنا شيء يسير منه

ليسهل على الجميع فهمه .

اليوم بإذن الله نبدأ في :


 ( الصلاة )

ولا يخفى عليكم عظم هذه الشعيره والتي تعد ركنٌ من أركان الاسلام

ونسأل الله التوفيق والسداد .


أولاً : [ أركان الصلاة ]

للصلاة أربعة عشر ركن وهي :

- القيام مع القدرة .

- وتكبيرة الإحرام .

- وقراءة الفاتحة .

- الركوع .

- الإعتدال بعد الركوع .

- السجود على الأعضاء السبعة .

- الرفع منه .

- الجلسة بين السجدتين .

- الطمأنينة في جميع الأفعال .

- الترتيب بين الأركان .

- التشهد الأخير .

- الجلوس له .

- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .

- التسليمتان .


ثانياً : [ الواجبات ]

- جميع التكبيرات عدا تكبيرة الاحرام

- التسميع : وهو قول : سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع ، وهو واجب على الإمام والمنفرد دون المأموم .

- التحميد : وهو قول : ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع ، وهو واجب على الإمام والمأموم والمنفرد .

- التسبيح في الركوع ، وهو قول : سبحان ربي العظيم .

- التسبيح في السجود ، وهو قول : سبحان ربي الأعلى .

- قول : ربي اغفر لي . في الجلوس بين السجدتين .

- التشهد الأول .

- والجلوس له .

فهذه هي واجبات الصلاة ، والفرق بين الركن والواجب في الصلاة أن الركن إذا تركه المصلي سهواً أو نسياناً ثم ذكر ، فيجب عليه أن يأتي به ، ويسجد للسهو .

وأما الواجب ، فلا يجب عليه الإتيان به إذا تجاوز محله ، ويجبره سجود السهو .


ثالثاً : [ سنن الصلاة ]

وأما سنن الصلاة فهي ما عدا الأركان والواجبات المذكورة ، وهي كثيرة يطول ذكرها وتفصيلها ، فنذكر ما تيسر منها :

- رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع منه ،

وعند القيام إلى الركعة الثالثة .

- وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام.

- دعاء الإستفتاح والإستعاذة بعد تكبيرة الإحرام.

- قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين.

- التأمين عند الإنتهاء من قراءة الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد جهراً في الصلاة الجهرية وسراً في الصلاة السرية .

- الزيادة على تسبيحة واحدة في الركوع والسجود .

- الإعتماد على الركبتين عند القيام .

-جعل الرأس حيال الظهر في الركوع .

- مجافاة العضدين عن الجنبين ، والبطن عن الفخذين ، والفخذين عن الساقين في السجود .

- جلوس المصلي على رجله اليسرى مفروشة ،

ونصب اليمنى في التشهد الأول وبين السجدتين .

- التورك في التشهد الأخير في الرباعية والثلاثية .

- الإشاره بالسبابة في التشهد .

- الدعاء في التشهد الأخير .


رابعاً : [ مبطلات الصلاة ]

- الكلام العمد مع الذكر والعلم ، أما الناسي والجاهل فلا تبطل صلاته بذلك .

- الضحك .

- الأكل .

- الشرب .

- انكشاف العورة .

- الانحراف الكثير عن جهة القبلة .

- العبث الكثير المتوالي في الصلاة .

- انتقاض الطهارة .


خامساً : [ مكروهات الصلاة ]

- الحركة القليلة لغير حاجة ، ومن ذلك الالتفات بالوجه أو العبث باليد في الثوب ، أو اللحية ، ونحو ذلك .

- التشبه بالحيوان ، كإقعاء الكلب في جلوس التشهد وهو : إلصاق الأليتين بالأرض ، ونصب الساقين ، ووضع اليدين على الأرض .

- انبساط الكلب في السجود وهو : أن يلصق ذراعيه بالأرض وهو ساجد ، وكـ إلتفات الثعلب عند السلام ، ونحو ذلك .

الصلاة في ثوب أو مكان مُلهٍ ، وغير ذلك .



"http://youtu.be/P3_7D2_Bmrs

أركان وواجبات الصلاه


انتهى

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

اللقاء الخامس عشر ، السادس عشر | تدراس |

'

لقاءات مجموعة | تدارس 📚 |
 في تطبيق لاين [line] 
الدرس الخامس عشر ، السادس عشر :

سورة الإنشقاق


هل سورة الانشقاق مكية أم مدنية
نعم .

هي سورة مكيّة بلا إشكال؛ لأن موضوعاتها وأسلوبها هو أسلوب السور المكيّة.
ورد في فضلها الحديث الذي ذكرناه في سورة التكوير، وفي سورة الانفطار، حينما قال النبي -صلى الله عليه وآله سلم-: «مَن سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين، فليقرأ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾، و﴿إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ﴾، و﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ﴾».
هذه السورة مكية ، وهي خاصة أو تتحدث عن يوم القيامة، وما فيه من الأحداث والأهوال، وما فيه من العظات التي تحمل الناس على أخذ الأُهْبَة والاستعداد لذلك اليوم.
افتُتحت هذه السورة بقوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ ﴿1﴾ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾، بدأ بالسماء لماذا؟
 لأنَّ السماء آية كبرى يراها كل احد، مَن كان في شمال الكرة الأرضية، ومَن كان في جنوبها، ومَن كان على خط الاستواء، وهي آية يُبصرها الصغير والكبير، والناس يرونها أضخم الآيات التي يرونها بأعينهم، ولذلك يبيِّن الله أن هذه السماء على عِظَمها وكِبَر جرمها إلا أنها ستتشقق، وسيحدث لها تغيُّر.
فإذا كانت السماء التي هي أصل في الثبات وعدم التغيُّر -فيما نرى نحن- والتماسك والاستواء وحُسنِ الخلْق، فغيرها من بابٍ أولى.
ففي يوم القيامة يتغيَّر كل شيء، ولذلك يعبِّر بعض المعاصرين عن ذلك التغير الذي سيحدث يوم القيامة بأن يقول: هو الانقلاب الكوني، يكون كل شيء يَنقلب على ضد ما كان عليه، إذا كانتِ النجومُ في السماء فإنها ستَهبط، وإذا كانت مُنيرة فإنها ستنطفئ، وهذه الشمس إذا كانت مستديرة فإنها ستُلف، وإذا كانت مضيئة فإنه ستنطفئ وتُلقى في النار، وهذه الجبال التي هي أصل في الرسوِّ والثبات والرسوخَ ستتفتت وتكون كثيبًا مهيلًا، ثم يجعلها الله كالعهن المنفوش، ثم تُسيَّر .
ذكرنا مراحل تحدث للسماء يوم القيامة فمن تتذكر ؟!!
نعم
تمر بمراحلَ، فهي أولًا: تنفطر، وهو الانفطار أولُ الانشقاق، ثم تنشق، ثم تُفتَّح، كما قال الله في سورة عم: ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾

كلمة ﴿وَأَذِنَتْ﴾ ما معناها؟ 
نعم .

استمعت، وهذا الاستماع يدعوها إلى الانقياد، يعني استمعت استماع المنقاد.
 ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا﴾، استمعت له مع ضخامتها وعظمها وكِبَر جرمها، فإنها تستمع لله، وتطيع وتذعن لله.
﴿وَحُقَّتْ﴾؛ أي حُقَّ لها أن تسمع وتطيع، فلا يسعها شيء غير ذلك. وهذا فيه ماذا؟ فيه الذم لأولئك الذين يسمعون كلام الله ولا يستجيبون ولا يطيعون.
إذا كانت هذه السماء على ضخامتها وعظمها تستمع لربها وتطيعه، ولا يليق بها شيء غير ذلك، فما بالكم أنتم تستكبرون؟! ولكن هذا طبع الإنسان ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ [العاديات: 6]، أي جحود كفور، ﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾ [عبس: 17]، وقال: ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: 72]، هذه من طبيعة الإنسان التي يجب أن يتغلب عليها بانقياده لأمر الله، واستماعه لوحي الله، واستجابته لأمر الله.
قال الله -عز وجل-: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾، هذه الآية المقابلة، بعد أن ذكر السماء جاء إلى الأرض التي نراها نحن، آية عظيمة ضخمة، نمشي على متنها، ونبني على ظهرها، ونسير على طرقها، هذه الأرض التي تبدو في الصورة وتبدو أيضًا للناظر من بعيد أنها ليست ممدودة، وإنما هي كُرَيَّة.
قد أجمع العلماء سلفًا وخلفًا على أن الأرض كروية، هذه الأرض يوم القيامة لا تبقى كروية، وإنما تمدُّ مدَّ الأديم -أي مدَّ الجلد- فتبقى مستوية حتى تستوعب جميع الخلائق ممن خُلِقوا على ظهرها من الإنس والجن والحيوانات .
(وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ) ، الأرض في جوفها ثروات هائلة جدًا، وفي جوفها أشياء وضعها الناس، منها أبناء آدم الذي إذا ماتوا دُفنوا في الأرض، ومنها ما يوضع فيها من الكنوز، وما فيها من الخيرات، وما خلق الله في جوفها من الثروات؛ كل ذلك يوم القيام تلقيه الأرض وتؤديه، فهي أمينة وهي مطيعة، ويمر الناس بها ويتأسفون، يقولون: على هذا -الذي لا نلتفت إليه اليوم- كنا نختلف ونتقاتل ويبغي بعضنا على بعض، ويأكل القويُّ منا الضعيفَ، تبًّا لهذا الذي ألقته الأرض، ونحن اليوم نتعفف عنه ولا نلقي له بالًا.
قال: ﴿وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ﴾، تخلت عنه وتركته.
قال الله -عز وجل-: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا﴾؛ أي استمعت لربها، ﴿وَحُقَّتْ﴾، يعني وحُقَّ لها أن تستمع.
هذا الآن كله كلام عن أهوال يوم القيامة ليدخل منه إلى شيء آخر من أحوالها التي يجب علينا أن نستعدَّ لها.
وهنا يتحدث عن الأحوال التي يؤول لها الإنسان .
قال الله -عز وجل- مبينًا ماذا يكون للإنسان، قال: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ﴾ هنا ليست بمعنى الإنسان الكافر، بل هي بمعنى الإنسان أي: جنس الإنسان، المؤمن والكافر، يقول الله -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ﴾ خطاب لبني الإنسان جميعًا.
﴿إِنَّكَ كَادِحٌ﴾، ما معنى "كادح"؟
جميل، الكدح بمعنى: بَذل الجهد والسعي والعمل المجهِد، هذا هو الكدح.
وهذا يدلنا على أن جميع بني الإنسان سيكدحون في الدنيا، الأغنياء والفقراء، الأمراء والضعفاء، الكبار والصغار، الذكور والإناث؛ لا بد أن تأخذ حظك من الكدح.
بعض الناس يقول: الأغنياء مرتاحون، ليسوا مرتاحين، قد يرتاح بدنه، لكن ينشغل قلبه، أنت الآن تنام في أي مكان مرتاحًا لا تفكر إلا في هذه الدريهمات التي في جيبك، وهو لا يكاد يأتيه النوم في الليل؛ لأنه يفكر في الباخرة التي تمشي في عرض البحر، والطائرة التي تسير في جو السماء، فالكل يأخذ نصيبه من الكدح.
هنا يقول الله -عز وجل-: ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا﴾، وأبهمه هنا ولم يبيِّنه لاختلاف الكدح، فمن الكدح كدحٌ صالح، ومن الكدح كدحٌ فاسد، من الكدح كدحٌ طيب، ومن الكدح كدحٌ خبيث.
فَمُلَاقِيهِ﴾، هل قوله: ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ هذه تعود إلى قوله: ﴿كَدْحًا﴾ أو تعود إلى قوله: ﴿رَبِّكَ﴾؟ لأن الضمير هنا يصلح أن يعود إلى هذا، ويصلح أن يعود إلى هذا، ماذا ترون؟ 
يرجع إلى الكدح لأنه أقرب ما يكون، هذا قول لبعض أهل العلم، وهو أن قوله: ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾؛ أي فملاقٍ كدحك.
والقول آخر: ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ فملاقٍ ربَّك.
وعندنا قاعدة: "أنه إذا صلح أن يعود الضمير إلى هذين؛ فلا مانع"، ونحن نقول: كادحٌ إلى ربِك كدحًا فملاقٍ ربَّك بكدحك.

فأنت لا بد ملاقيه، ستلاقي عملك. طيب، عند مَن؟ عند ربك، ولذلك ما تعمل من خير إلا وستلقاه، وما تعمل من شر إلا وستلقاه، وستلقاه عند ربك الذي سألك عن القليل والكثير، وعن الصالح والسيئ، وعن الطيب والخبيث، والذي لا يغادر من عملك شيئًا. قال الله -عز وجل-: ﴿إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾
قال: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾، الآن جاء يفصل الكدح، فمنه كدح طيب وبدأ بهم، ومنهم كدح خبيث وثنَّى بهم.
قال: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾، هذا إشعار بأنهم عملوا عملًا صالحًا؛ لأنهم يؤتون كتابهم يوم القيامة بأيمانهم -نسأل الله أن يجعلنا كذلك .
وهذا موقف من أصعب المواقف وأعظمها وأشدها هولًا على من يحضرون موقفَ يوم القيامة؛ لأن الإنسان لا يَدري، هو ينتظر هل يُعطى كتابه باليمين؟ أو يُعطى كتابه بشماله من وراء ظهره؟
قال الله -عز وجل-: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴿7﴾ فَسَوْفَ﴾، سوف هذه للتنفيس.
يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾، ﴿يُحَاسَبُ﴾ هنا ليس بمعنى يُناقش على الحساب، وإنما بمعنى يُعرض عليه عمله؛ لأن من نوقش الحساب عُذِّب.
لماذا قلنا أن من نوقش الحساب عذب ؟!
حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن نُوقش الحسابَ؛ عُذِّب»، يعني من فُتّش معه ودُقّق عليه سيُعذّب، لأنه يُراد إقامة الحجة عليه.
قالت أمنا عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "أليس الله -عز وجل- يقول: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴿7﴾ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾؟"، يعني أثبت أنه يُحاسب. قال: «ليس ذلك الحساب، وإنما هو العرض»، يعني المؤمن يُعرَض، يُقرَّر بذنوبه. ألم تفعل كذا؟ ألم تفعل كذا؟ ألم تفعل كذا؟ فيقول: بلى يا رب، بلى يا رب، بلى يا رب، حتى إذا قرَّره بذنوبه وظن أنه قد هلك قال له الله -سبحانه وتعالى: «إني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم»، اسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعاملنا بلطفه وفضله وعفوه وكرمه، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
قال: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾، إذن الحساب اليسير بنصِّ السنة النبوية هو ماذا؟ هو العرض، وليس مناقشة الحساب.
قال: ﴿وَينقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾، يرجع إلى أهله في الجنة مسرورًا بما لقي من فضل الله وعفوه ورحمته، وإيتائه كتابَه بيمينه.
في الدنيا كان خائفًا، كان دائمًا يبكي من خشية الله، كان يخاف أن يُرد عليه عمله، أن يُؤاخذ بذنوبه، ألا يُتقبل منه الصالح من أعماله، إلى آخره مما يحصل للمؤمن، ويموت والخوف يخلع قلبه، لكنه يبدَّل هذا الخوف يوم القيامة أمنًا وفرحًا وسرورًا، فهو في يوم القيامة يبقى مسرورًا ويُبعث على ذلك السرور.
قال الله -عز وجل-: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ﴾
في سورة الحاقة قال: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ [الحاقة: 25]، فهل هما صنفان أو صنف واحد؟
من العلماء من يقول: إنهما صنفان، صنف يأخذ كتابه بشماله، وصنف يأخذ كتابه من وراء ظهره.
والذي يظهر -والله أعلم- من التصنيف في السورتين أنهما شيء واحد، فهذا الصنف المذكور في سورة الانشقاق هو الصنف المذكور في سورة الحاقة.
طيب، هل بين الوصفين في أخذ الكتاب تعارض؟ الذي يظهر أنه لا تعارض؛ لأنه يمكن اجتماع الوصفين، فهو يأخذ كتبه بشماله من وراء ظهره -نسأل الله العافية والسلامة-، وهذا فيه من الإزراء عليه، والتقبيح له، والتشهير به في موقف القيامة عندما يأخذ كتابه، وكتابه وراء ظهره.
قال الله -عز وجل-: ﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا﴾؛ أي في ذلك اليوم سيدعو على نفسه بالهلاك والويل والثبور، واثبوراه، واخساراه، واهلاكاه، واويلاه.

لكن هل ينفع؟ ينفعك أن تقول هذا الكلام في هذا اليوم؟ ألم يأتكَ نذير من الله؟ ألم يُنزل الله عليكَ كتابًا؟ ألم يرسل الله لك رسول رسولًا؟ ألم يجعل الله لك عقلًا وعينين ولسانًا وشفتين، ويهديك النجدين، ويُريك الحق، ويُريك الباطل، ويفرق بينهما بالفطرة، وبالعقل، وبالرسالة، وبالدعوة، وغير ذلك مما يقيمه الله عليك من الحجج؟ فما الذي صرفك؟ ما لك حجة! ما لك حجة تحتج بها على الله، فإن الله -سبحانه وتعالى- قد أغلق عليك أبواب الحجج؛ لأنه قد أعذر إليك.
﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا﴾؛ أي هلاكًا.

﴿وَيصْلَى سَعِيرًا﴾
يصلى سعيرًا هو بنفسه، ويُصلَّى على وَجه المبالغة ﴿سَعِيرًا﴾؛ أي يُدخل النار فيُصلَى ويُشوَى بحرها.
﴿سَعِيرًا﴾ تتسعر به وتحرقه وتتلهَّب على جسده.
ثم قال بعدها 
( إنه ) من هو ؟!
من أوتي كتابه وراء ظهره
قال: ﴿إِنَّهُ﴾؛ أي هذا الذي يأخذ كتابه بشماله، وراء ظهره.
﴿إِنَّهُ كَانَ﴾؛ أي في الدنيا ﴿فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾، منتشٍ، فرحان، لا يبالي، يشرب الخمر، ويعاقر الزنى، ويفعل الموبقات، وكل ما بيده حلال له، ليس هناك حدود، حرية مطلقة، افعل ما شئتَ فأنت الإله، وأنت كل شيء في هذا الكون.
 
﴿كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾، بعض الناس يعرض لنا صور هؤلاء الكفار وهم مبتهجون في حياتهم، وهم يتلذذون بها، وهم مسرورون بما هم فيه من النعمة ومن الخير، ويقول: انظروا إلى هؤلاء الكفار. نقول: نعم، لهم سرور، وتدركهم سعادة، لكنها سعادة مؤقتة قليلة، من بعدها حسرة وندامة طويلة.
قال: ﴿كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾، ولكن هذا السرور سينقلب ويتغيّر.
﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾ ما معنى "ظن" ؟!
الظن هنا بمعنى اليقين، ويأتي الظن في القرآن في مواطن بمعنى اليقين. مَن تأتي بمثال على ذلك؟
ق﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴿19﴾ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾  هل المؤمن يظن أنه يلاقي الحساب، أم يعتقد ذلك ويجزم به؟

يعتقد ويجزم
ويأتي أيضًا بمعنى غلبة الأمر على الإنسان، أنه شيء غالب، كما في قوله -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ﴾
ما معنى يحور ؟
نعم يرجع
قال: إنه ظن أن لن يرجع إلى الدنيا، إذا مات انتهى، ولذلك هؤلاء الكفار هذا موجود في عقيدتهم، ما الذي يجعل الكفار الآن يبذلون كل ما في وسعهم لتمتيع أنفسهم في الدنيا؟ تجد الواحد منهم، حتى يُذكر هذا عن بعض الغربيين في بعض الدول كما في دولة فرنسا، يقال أنه يعمل ستة أشهر ويأخذ إجازة ستة أشهر ليتمتع بهذا الذي قد حصله في الأشهر الأولى، لماذا؟ لأنه لا يرى شيئًا آخر غير هذه الدنيا ومتاعها.
ولذلك لا يدخر شيئًا، كله يأكله ويتنعم به في الدنيا؛ لأنه لا يتوقع مصيرًا آخر، ولا يرجو دارًا أخرى يستعد لها ويضع لها شيئًا من عمله الصالح، أو فضل كماله أو غير ذلك.
وفي سنن ابن ماجه أنه من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن كان يقول: ' اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور '
الحور الرجوع والكور التمام والاكتمال
قال الله -عز وجل-: ﴿بَلَى﴾، يعني سيحور ويرجع، ولا بد له من ذلك، ولا يليق بحكمة الله إلا ذلك، كيف يخلقنا ويخالف بيننا، فمنَّا المؤمن والكافر، ومنَّا البرُّ والفاجر، ومنَّا الظالم والمظلوم، ومنَّا الصالح والطالح، وفي النهاية نموت ميتة واحدة ولا فرق بيننا؟ لا يمكن ذلك، بل لا بد من البعث ولا بد من الجزاء، ولا يسوِّي الله -عز وجل- بين هؤلاء وهؤلاء.
قال: ﴿بَلَى إِنَّ رَبَّهُ﴾ الذي خلقه ورباه، ﴿كَانَ بِهِ بَصِيرًا﴾؛ أي يراه ويسمع ويعلم عنه، ولا يخفى عليه من أمر عبد خافية، مطلع عليه، قد دوَّن كل شيء عليه.

بعد هذا المقطع جاء إلى مقطع آخر .
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ﴾، هذا قسَم.

قال : 
﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ﴾.
قال: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ﴾، ما هو الشفق؟
نعم، الحمرة التي تكون في السماء بعد غروب الشمس، وقد اختلف هل هي الحمرة، أو البياض؟ لكن جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر وقت المغرب قال: «ما لم يغِب الشفق»، فدلَّ ذلك على أن وقت العشاء هو وقت مغيب الشفق.
إذن: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ﴾ الذي هو أول الليل.
جمع الناس والحشرات والدواب ففي الغالب الناس تتفرق في النهار لتبحث عن زرقها
(وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ) ما معنى وسق ؟!
وفي الليل يجتمعون
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ﴾
ما معنى اتسق ؟!
اجتمع وتكامل نوره، أو استدار وأبدر واكتمل نوره وذلك في الليالي الوسطى من الشهر، ليلة ثلاثة عشر، وليلة أربعة عشر، وليلة خمسة عشر.
وهنا جواب القسم
قال: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ﴾
هذا قسم عجيب جدًّا في القرآن، يُقسم الله به على حالٍ أو على شيء يمرُّ بالإنسان، وهو أن الإنسان كائن غير مستقر، ولا يمكن أن يلبث على حالة واحدة.
نحن بنو الإنسان نتغيَّر، ليس في السنوات، ولكن حتى في اللحظات، ما نبقى على حالة واحدة، ليل ونهار، طفولة ثم شباب ثم كهولة ثم هرم، حياة ثم موت، حتى في حال ما كنا أجنة في بطون أمهاتنا أيضًا، نبدأ نطفة ثم مضغة ثم علقة ثم نكبر حتى نخرج، وهكذا عندما نخرج لا نعرف شيئًا، ثم نبدأ نتحرك، ثم نبدأ نفهم، ثم نبدأ نعلم، ثم نحبو، إلى آخره.
وفي قوله لا تركبن 
اختلف فيها بعض المفسرون ومنهم من قال أن المقصود محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا أن فيها دلالة على المعراج 
وقال بعضهم أنها عامة للناس 
ثم قال بعدها
 ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، لاحظوا هذا المعنى المهم، يعني بعدما أقسم بأنه سيتغير أحوالهم، إذن ما الذي يجعلهم وهم يرون أنفسهم تتحول من حالٍ إلى حال، ويرون أن الله يفعل بهم ما يشاء؛ إذن ما الذي يدعوهم إلى أن يتصلبوا ويأبوا أن ينقادوا لأمر الله وهم يرون الله -سبحانه وتعالى- يفعل بهم ما يشاء .
ثم قال ﴿وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾.
إذا تُليَ عليهم القرآن، وهذا يدلنا على أنه من أعظم وسائل الإنذار وتبليغ الدعوة هو قراءة القرآن.
قال: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾
يعني ما يحملهم على عدم الإيمان إلا مجرد التكذيب فقط
قال: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾، الله أعلم بما يضمرون وما في نفوسهم، وأن الذي يحملهم على عدم الإيمان ليس هو عدم ظهور الحق أو آيات الحق ليس قوية ولا مبينة للحق، بل لشهوات في أنفسهم، كبر، حسد، غفلة، متابعة للآباء، استجابة لطلبات الناس والأصدقاء، ونحو ذلك.
قال: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾؛ أي بما يجمعون في صدورهم ويخفونه عن سائر الناس.
﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ﴾ هذا القسم الثاني.
﴿وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ﴾ هذا قسم ثالث.
ثلاثة أقسام، أين جواب القسم؟

قال الله -عز وجل-: ﴿فَبَشِّرْهُم بعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾؛ أي بلغهم بأنهم سيعذبون عذابًا أليمًا.
والبشارة تُقال في الأمر السَّار، وإن كانت في أصل اللغة: الخبـر؛ لأن أثر الخبر يظهر على البشرة، فغلب استعماله على ما يسر، لأن البشرة ماذا؟ يظهر فيها السرور، وهنا تكون من باب التهكم.
﴿فَبَشِّرْهُم﴾؛ أي بلغهم بلاغًا يدلُّ على أنهم سيكونون في النار، من باب التهكم بهم؛ لأن البشارة غلب استعمالها على الخبر السَّار.
قال الله -عز وجل-: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾، هؤلاء الذين آمنوا صدَّقوا، وخالفوا هؤلاء الذين كفروا وكذبوا، وأيضًا عملوا عملًا صالحًا يوافق إيمانهم، ويصدِّق إيمانهم
وغير ممنون: غير مقطوع ولا منقوص .
أسأل الله أن نكون منهم
ووالدينا وجميع المسلمين

اللقاء الثاني عشر، الثالث عشر ، الرابع عشر | تدارس |




لقاءات مجموعة | تدارس 📚 |
 في تطبيق لاين [line] 
الدرس الثاني عشر ، الثالث عشر ، الرابع عشر :

سورة المطففين -



سورة المطففين
"سورة المطففين تسمى عند العلماء: سورة المطففين، سمَّاها البخاري في صحيحه: سورة: ﴿ وَيلٌ لّلْمُطَفِّفِينَ ﴾، وهذا تسمية بأول آية من آيات السورة. وبعض المفسرين سمَّاها: سورة التطفيف. ولا يُعرف لها غير هذا من الأسماء، فكلها تدور حول هذا الاسم: المطففين." 
من تقول لنا : هل سورة المطففين مكية أم مدنية ؟! 
"هذه السورة اختُلف فيها، هل هي مكيَّة أو مدنية؟ على ثلاثة أقوال: ١- من العلماء من قال: إنها مكية، نزلت في آخر العهد المكي، وذلك لأن جوها وحديثها يتحدث عن موضوعات يوم القيامة، وذُكر فيه قول الله -عز وجل-: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾، وهذا إنما قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة. وأيضًا جاء فيها قول الله -عز وجل-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴿29﴾ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾، فهذه آيات تتحدث عن مشاهد كانت تقع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة." 
"٢ - وآخرون من أهل العلم، ومنهم حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- يرون: أنها نزلت في مَقْدَم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وذلك بسبب سبب النزول، فإن سبب النزول ورد في هذه السورة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى المدينة وجد أهلها من أخبث الناس كيلًا، فأنزل الله هذه السورة لتعظهم وتحذرهم من مغبة ظلم العباد في هذا الشيء الطفيف الذي يؤخذ من حقوقهم، وهذا قال به جماعة من المفسرين، وعليه كثير من الجمهور والمفسرين على أن السور مدنية. وابن عباس يرى أن السورة مدنية إلا الآيات الأخيرة في قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴿29﴾ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾، إلى آخر السورة." 
٣- وآخرون من أهل العلم يرون أن السورة نزلت في مهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- بين مكة والمدينة، وإلى هذا مال الطاهر بن عاشور في تفسيره المعروف "التحرير والتنوير"، قال: وهذا يعني هو اللائق بهذه السورة، فإن جوها جو السور المكية، ومضمونها مضمون السور المكية، وسبب نزولها يدل على أن لها ارتباطًا بالمدينة، فلعلها نزلت قبل أن يصل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة؛ لأن أهل المدينة كانوا متلبسين لهذا الأمر، وهو التطفيف في المكاييل والموازين، فأراد الله أن يطهر المدينة من عمل سيء لا يليق بمجيء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 
وعلى كلٍّ: فهذا الأمر يسير؛ لأن كونها مكيَّة أو مدنيَّة لا يترتب عليه نسخ، لأنه ليس في الآيات ما يُنسخ، وكل ما في الآيات محكم -ولله الحمد والمنَّة- ولكن من باب زيادة العلم، هل هي مكية أو مدنية؟ وليس هناك مانع من أن تكون هذه السورة نزلت في أواخر العهد المكي، وأوائل العهد المدني، وجُمعت بعد ذلك.
اتضح لكم مسألة الخلاف في أين نزلت 
ونحن في السور الماضية كان هناك اتفاق بين العلماء في مكان نزولها 
ولكن في هذه السورة اختلفوا لما كانت السورة تحمل شيئا من صفات المكية وصفات المدنية 
"افتُتحت بقوله: ﴿ وَيلٌ لّلْمُطَفِّفِينَ ﴿1﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴾، ﴿ وَيلٌ ﴾، ما ويل؟ " 
هنا قولان للمفسرين: - منهم مَن قال أنه وادٍ في جهنم، وهذا يستند إلى آثار، وهذه الآثار في النفس منها شيء. لكن الأشهر في استعمالها عند العرب أنها كلمة تهديد ووعيد، يُقال: ويلٌ لك، وويلٌ لفلان، وويلٌ لهؤلاء القوم، يُقصد بها التهديد والوعيد لهم من شرٍّ يحيق بهم ويلحقهم." 
وبقاءها تهديدًا مفتوحًا أكثر هيبة في النفوس من أن يكون تهديدًا بشيء معيَّن، لماذا؟ لأن المُهدِّد هنا مَن هو؟ هو الله -سبحانه وتعالى-، وكون النفس لا تدري بما هددت به، وما الجزاء الذي ينتظرها؛ قد يكون أبلغ في ردع النفس عن التمادي في باطلها الذي تتهاون فيه. 
فالله يقول: ﴿ وَيلٌ ﴾ لمَن يا رب؟
لمن هنا الويل ؟! 
للمطففين 
من هم المطفيفين 
المطففون: مأخوذ من التطفيف، والتطفيف هو أخذ الشيء الطفيف، يعني أخذ الشيء القليل، وذلك عندما يكيل الإنسان أو يزن شيئًا فإنه ينقص شيئًا يسيرًا إذا كان يبيع للناس، وإذا كان يشتري لنفسه فإنه لا يأخذ الحق الواجب له، وإنما يزيد عليه شيئًا طفيفًا، فهو يظلم هنا وهنا، يظلم عندما يشتري، ويظلم عندما يبيع 
"مَن المطففون؟ فسَّرهم وبيَّنهم، وبيَّن أن المقصود بهم أولئك الذي يتهاونون في هذا الشيء الطفيف في المكاييل والموازين عندما يبيعون أو يشترون. قال: ﴿ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴾، ﴿ اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ ﴾: 
يأخذون حقهم وافيًا، ويزيدون عليه. ﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ ﴾؛ أي كالوا للناس، ﴿ أَو وَّزَنُوهُمْ ﴾؛ أي وزنوا للناس، ﴿ يُخْسِرُونَ ﴾ أي ينقصون. فهم عند الشراء يأخذون حقهم وافيًا وقد يزيدون، وعند البيع ينقصون من حق المشترين فلا يؤدونهم الحق الكامل." 
السليمة تنكره، لم يتحدَّث عن تحريمه؛ وإنما تحدَّث مباشرة عن جزائه، ولم يتحدَّث عن الدلائل على وجه كونه محرَّمًا؛ لأن هذا الأمر تعرف النفوس كلها أنه من الباطل، فأنت لا ترضى -ولو لم تعلم الشرع- لا ترضى أني إذا كلْتُ لك أو وزنْتُ لك أنِّي أنْقص في حقك، فكل النفوس تأبى ذلك وتراه من الظلم. 
ولذل قال هنا: ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ ﴿4﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿5﴾ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، فوعظهم بالموقف الذي يكون بين يدي الله، وفيه توزن الأعمال، وفيه يخاف الإنسان، وفيه يرجع الإنسان إلى ما قدَّم ويتأكد مما عمل. ١١: ما الأمة التي عُذبت بسبب تطفيفها في المكاييل والموازين؟ 
نعم، أحسنت، قوم شعيب كانوا يطففون ويخسرون في المكيال والميزان، وأنزل الله -عز وجل- فيهم آيات في سور معدودة، منها سورة هود، ومنها ما في سورة الشعراء، وغيرها من سور القرآن، وبين الله سبب عذابهم، فهم قوم قد كذبوا نبي الله، وأشركوا مع الله، وكان من أعظم المشكلات التي وقعوا فيها أنهم كاو يطففون في المكاييل والموازين. 
وهنا وقفة يسير ولكنها مهمه حول التطفيف .
هذا التطفيف الذي يكون في المكاييل والموازين يكون له صور كثيرة جدًّا، فعندما نقول لكثير من الناس: ما التطفيف؟ يقولون: أن تزيد أو تنقص في المكيال والميزان عندما تزن للناس، حسب ما هو موجود في الموازين المعروفة لدى كثير من الناس .
هذا التطفيف الذي يكون في المكاييل والموازين يكون له صور كثيرة جدًّا، فعندما نقول لكثير من الناس: ما التطفيف؟ يقولون: أن تزيد أو تنقص في المكيال والميزان عندما تزن للناس، حسب ما هو موجود في الموازين المعروفة لدى كثير من الناس 
"لكن الحقيقة أن التطفيف ينتظم صورًا كثيرة لا حصر لها. مثل الآن أن تباع سلعة يقال إن وزنها كذا، وعندما تزنها في الميزان، أو تُفرغها من العبوة الموجودة فيها تجد أنها أقل مما هو عليه." 
فبعض السلع يكتب لها حجم ولو وزتيها لوحدي حجماً آخر 
"التطفيف إذا كان في القليل يحاسب الله العباد عليه ويحذرهم منه، إذن فما بالك بمن يأخذ الكثير؟ ما بالك بمن يَعتدي على أموال الناس ويسلبها منهم؟ سواء كانت هذه الأموال شيئًا في جيوبهم وتملكوه وحازوه، أو شيئا من بيت مال المسلمين. "
"فهؤلاء العمال والموظفون والمسؤولون الذين يتهاونون في بيت المال فيأخذون ما لا يحل لهم هم أشد حالًا، وأعظم سوء من هؤلاء الذين توعدهم الله بقوله: ﴿وَيلٌ لّلْمُطَفِّفِينَ﴾. إذا كان الله يحاسب على الشيء القليل واليسير، ويتوعد بالويل عليه، فما بالك بمن يأخذ المال الكثير؟! ومن يأخذه من أفواه الفقراء ليضعه في جيوب الأغنياء؟! أليس هذا متوعدًا بالويل؟!"
النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما وقف في يوم عرفة، قال مُعلنًا أمام الناس: «إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا». 
يظن بعض الناس أن التطفيف يقتصر على القضايا المالية، والحقيقة أن القضايا المالية يقع فيها التطفيف ويعلمه كل الناس، لكن التطفيف -أيضًا- يقع في أمور أخرى، مثل الحكم على الناس، فعندما تحكم على صاحبك الذي تحبه تزيد في مدحه، وتغض الطرف عن مثالبه، وما عنده من نقص، هذا تطفيف؛ لأنك زدت عن الحد المطلوب، وعندما تتحدث عن ذاك الذي لا يحترمك، أو لا تحبه، أو بينك وبينه إشكال، أو يعني -كما يقول العامة عندنا وقفة نفس- فإنك ماذا؟ تنقص من حسناته وتزيد في سيئاته. ولاحظوا هذه النقطة بالذات 
فهي رواجه في المجالس 
"عندما تذكر المؤسسة التي تنتمي إليها، لا تذكر إلا إيجابياتها، وعندما تذكر تلك المؤسسة أو الجمعية، أو الجماعة التي لا تنتمي إليها، فإنك لا تذكر إلا سلبياتها، أو تزيد في السلبيات وتنقص من الحسنات، هذا ماذا يُسمى؟ تطفيفًا، وهو داخل في هذا المعنى. "
"أيضًا، عندما يطلب منك أن تُقيِّمَ شيئا ما، ولك فيه هوى، فتزيد في التقييم، أو تَنقص لأغراض شخصية، يعتبر ذلك من التطفيف. "
وقد قال بعض العلماء المعاصرين: "هذه الآية تدل على تحريم قليل الربا، وأنه لا يجوز للإنسان أن يتهاون في الربا، لا قليله ولا كثيره". 

وفي إحدى الشركات مرة لما أكثر الناس على مسؤول الشركة في إزالة الربا منها، قال: يا جماعة، أزعجتمونا، هي كلها 2.5% نسبة الربا الموجودة في هذه الشركة، فلماذا كبرتم هذا الأمر وضخمتموه؟
فقالوا: سبحان الله! إذا كان 2.5% لماذا أنت أفسدت هذا الحلال كله بهذا الـ 2.5، أزله والحمد لله لم نخسر شيئا، فأحرج وأسقط في يده، لأنه ظن أنه إذا قال: 2.5% أن هذا الأمر سيمشي عليهم، فقالوا له: بالعكس، لو قلت لنا إن الربا 30% قلنا كيف سيزيله ويصعب عليه، لكن 2.5 أَزِلْه وننتهي منه، ونبقى في ساحة هذا المباح الذي أحله الله -سبحانه وتعالى- لنا.

وهذه نظرة أخرى حول معنى التطفيف وكنا في الدروس الماضية نجمع لكم بين عدة تفسيرات  
وهذه الدرس من دروس الشيخ : محمد الخضيري انتقيتها لكم لسهولة العبارة وبساطة الألفاظ وأسأل الله أن يحزي الشيخ عنا خير الجزاء 
يقول الله -عز وجل-: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ لماذا بدأ بكتاب الفجار ؟!!
بدأ بكتاب الفجار لأن المقام مقام وعيد، ولأن سور الانفطار انتهت بالحديث عن الفجار، فافتتحت هذه السورة أيضا بالحديث عنهم، ليكون الكلام متسقاً ومتصلاً .
قال: ﴿ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ ﴾ أي مآلهم، ومصيرهم، وكتاب أعمالهم، وهؤلاء الفجار بما أنه جاء الاسم مستقلا ولوحده، فإنه يشمل الفجور في الاعتقاد، والفجور في العمل.
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
ماهو سجين ؟!
معنى سجين : صيغة فِعِّيل هذه مأخوذة في الأصل من السجن، فالكتاب في مكان يتسم بأنه سجن، وهذا ينتظم وصفين:
الأول: السفول، أن يكون سافلًا.
والثاني: الضيق، فهو في مكان ضيق وسافل.
وهكذا كتاب الفجار، كما ورد في حديث البراء بن عازب وغيره: «أنه يكون في الأرض السابعة». ولا نعلم نحن أين هذه الأرض السابعة، لكن الله -سبحانه وتعالى- يعلمها، ونعلم أنها مكان سيئ وضيق، وأنه مكان سافل، لا يليق إلا بهؤلاء الفجار.

ثم قال على طريقة القرآن -وهذا الأسلوب سيمر بنا كثيرا في جزء عم: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾، "ما أدراك ما سجين" ليس سؤالًا عن السجين بقدر ما هو تهويل وتعظيم للسجين.
وهنا تأملو من شدة الهول يقول تعالى :
﴿ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ﴾، أي مكتوب مرقوم بخط لا يُمحى، فلا يُزاد فيه، ولا يُنقص منه، لا تتصور أيها الفاجر، أو أيها الكافر أنَّ اسمك سيَسقط من بين الأسماء، كما يحصل عندما تكتب بالقلم، أو عندما تكتب في الكمبيوتر سهوًا يذهب أحد الأسماء، لا، أسماؤكم وأعمالكم مُدونة في هذا الكتاب، هذا الكتاب الذي يتسم بأن ما كُتب فيه مرقوم، أي مكتوب كتابة لا يمكن أن تزول أو تحول.
قال: ﴿ وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ أي في ذلك اليوم ويل لمن كذب. كذب بماذا؟ كذب بالله، وبآياته، وبرسله، كذب بهذا القرآن الذي أُوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من دون بينة ومن دون أن يكون معه حجة وسلطان، ﴿ وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾.
ثم بين هذا التكذيب ما هو، قال: ﴿ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾، والتكذيب بيوم الدين فرع عن التكذيب بالله رب العالمين، وبرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبآيات الله الموحاة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال: ﴿ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿11﴾ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ ﴾، ما يكذب بيوم الدين ﴿ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ ﴾ هذا هو الوصف الأول فماهو الوصف الأول ؟!
الوصف : معتد 
المعتدي هو الذي يتعدَّى الحد
ومن الاعتداء :

- إن كان في الاعتقاد: بالشرك بالله -عز وجل- أو تعظيم مخلوق وجعل مقامه كمقام الله، أو الاعتداء على الله بأن يجعل محله كمحل المخلوقين، ونحو ذلك.
- أو في الأعمال: كأن يعتدي على أموال الناس بالظلم، والتطفيف، والربا، والسرقة، والاغتصاب، أو يعتدي على أعراضهم بالزنا واللواط، وغيرها من الأفعال المذمومة، وكبائر الذنوب وغيرها.
أما الثاني ففي قوله : 
﴿ أَثِيمٍ ﴾، أي آثم في نفسه.
قال الله -عز وجل-: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا ﴾، ؟!
هناك الذنوب قسمان:
- قسم يكون فيه اعتداء.
- وقسم يكون مقتصرًا على النفس.
يعني كون الإنسان مثلا يُسيء الظن بالمسلمين، هذا إثم، كون الإنسان ينظر إلى شيء محرم، هذا ظلم منه لنفسه، فهم إثم، أما كونه يأخذ أموال الناس؛ فهذا اعتداء.
فهذا هو الفرق بين قوله ﴿ مُعْتَدٍ ﴾ و﴿ أَثِيمٍ ﴾.
الآيات هنا : آيات القرآن أو الآيات الكونية
قال الله -عز وجل-: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا ﴾، إذا تليت عليه آيات القرآن، وهنا الآيات ليس المقصود بها آيات الله -عز وجل- التي في الكون، لأنه قال قبلها ماذا؟ ﴿ تُتْلَى ﴾، فكلمة ﴿ تُتْلَى ﴾ تبين لنا معنى "الآيات"، وأن المقصود بـ "الآيات" هنا الآيات الموحى بها؛ لأن آيات الله آيات منظورة، أو آيات كونية، وآيات شرعية.
- الآيات الشرعية: هي هذا الوحي الذي أوحاه الله -سبحانه وتعالى- إلى رسوله.
- والآيات الكونية: هي الشمس، والقمر، والسماء، والأرض، وغيرها.
 
"قال -من اعتدائه وإثمه: ﴿ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾، أي يرد هذه الآيات ببغي وعدوان، ومن دون حجة وبرهان، فيقول: هذه أساطير الأولين. الأساطير معروف أنها مختلقة، وأنها تفتقد إلى المصداقية والصحة، وأنها في الغالب تكون أقرب إلى الخرافة، يعني الشيء غير المعقول." 
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهِم 
ما معنى ران ؟! 
﴿ رَانَ ﴾، الران: مأخوذ من الرين، وهو الغطاء، أي غطى على قلوبهم ما كانوا يكسبون، الذي كانوا يكسبونه غطى على قلوبهم، فعملهم السيئ قد غطى على قلوبهم فهم لا يعقلون . 
"والعلماء يقولون: الذي يغطي على القلب ثلاثة أشياء: - الغين. - الران. قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة»، ما معنى «ليغان على قلبي»؟ يعني يصيبه شيء لطيف جدا من الحجاب بسبب مكابدة الدنيا، وما يتصل بأعمال الإنسان وحياته، فهذا الغشاء الرقيق جدا الذي لا يكاد يرى يسبب النبي -صلى الله عليه وسلم- بشيء من الضيق فيستغفر الله -سبحانه وتعالى- منه، وهو في الغالب ليس من الذنوب، ولكن ما يصيب الإنسان من غفلة يسيرة يراها المقربون شيئًا عظيمًا في مقام علاقتهم بالله -سبحانه وتعالى-، ولذلك يبادرون إلى محوه، واستغفار الله -عز وجل- منه. أما الران: فهو الحجاب الكثيف الذي يمنع وصول الحق والاستماع إليه والاستجابة له." 
"قال الله -عز وجل-: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهِم ﴾، والرين يكون على القلب، وليس على الأذن، ولا على البصر، ولا على اللسان. "
(كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾، أي في يوم القيامة سيحجبون عن رؤية الله، لماذا يحجبون عن رؤية الله؟ لأنهم ما فتحوا أعينهم لرؤية آياته في الدنيا، فيجازون على ذلك بأنهم يوم القيامة يحجبون عن رؤية ربهم -سبحانه وتعالى-. 
"قال الله -عز وجل-: ﴿ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴾، أي بعد حجبهم عن الله في يوم الموقف يصلون الجحيم. " 
وهذا من شدة التعذيب 
لاعراضهم 
"﴿ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بهِ تُكَذِّبُونَ ﴾، إذا أدخلوا النار قيل لهم: ﴿ هَذَا الَّذِي كُنتُم بهِ تُكَذِّبُونَ ﴾، هذا الذي كنتم تكذبون بحصوله وتحققه، انظروا إليه، وهذا يقال لهم على وجه ماذا؟ على وجه التبكيت والاستهزاء بهم، جزاء ما استهزؤوا بآيات الله -عز وجل-. " 
نسأل الله ألا يطبع على قلوبنا 
(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) 
"وقلنا إن كلمة ""الدين"" تأتي بمعان متعددة: - منها: الدين بمعنى الملة. - ومنها: الدين بمعنى الجزاء والحساب، كما تقول العرب: ""كما تدين تدان""، وكما في الأثر: "" الكيس من دان نفسه"" أي حاسبها وجازاها."
من هم الأبرار سبق أن درسناها هنا 
(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) 
أي كتاب أعمالهم، ومآلهم، ومصيرهم ﴿ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾. 
"قال الله -عز وجل-: ﴿ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾، أي لفي علو، وهذه الكلمة اختلف فيها السلف: - فمنهم من قال: ﴿ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ أي في السماء السابعة. - ومنهم من قال: عند قائمة العرش اليمنى. - ومنهم من قال: عند سدرة المنتهى. - ومنهم من قال: في السماء. والصحيح: أن ﴿ عِلِّيِّينَ ﴾ مأخوذة من العلو، أي في علو عند الله -سبحانه وتعالى-، وقد جاء في حديث البراء الطويل، قال: «اكتبوا -أو ضعوا- كتاب عبدي في عليين في السماء السابعة»، فهذا يدل على أن عليين في السماء السابعة، والعلم عند الله." 
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴾ 
"﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴾، هذا ليس على وجه الاستفهام المجرد الذي يراد به الجواب، وإنما يراد به التفخيم، والتعظيم، ولفت الانتباه، وشد الذهن إلى معرفة الأمر الفخيم العظيم. أي شيء عليون؟ هكذا يريد أن تفهم، وأن تعقل، وأن تنتبه." 
قال: ﴿ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ﴾ فما معنى مرقوم ؟! 
أي هؤلاء كُتبت أسماؤهم وأعمالهم كتابة لا تُمحى ولا يُزاد فيها ولا ينقص، مرقومة رقما كما يكتب وينقش على الحجارة
"قال الله -عز وجل-: ﴿ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾، أي يحضره من كل سماء مقربوها، يحضره من أهل كل سماء من؟ مقربوها.
فمن المقروبون ؟! 
"والمقربون: هم ملائكة الله -سبحانه وتعالى- الذي يقربهم الله ويدنيهم. يحضرونه لماذا؟" 
يحضرونه ليباركوه، ليشهدوا عليه، وليحصل للمؤمن بشهود هؤلاء السعادة والسرور 
﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾، هذه على طريقة القرآن في كونه إذا ذكر الوعد، ذكر بعده الوعيد، إذا ذكر الجنة، ذكره بعده النار، إذا ذكر الترغيب، ذكر بعده الترهيب، لأن القرآن مثاني. 
ما معنى مثاني؟ 
يعني تثنى فيه الأخبار، والوعد والوعيد، والأحكام، والقصص، وتكرر وتعاد، ويؤتى بها على صفة لا تحمل الإنسان على القنوط ولا على الرجاء الذي يخرجه عن الخوف، فهو دائما بين جناحين: جناح الخوف وجناح الرجاء. 
"﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾، هذا النعيم أين هو؟ هل هو نعيم الجنة؟ نقول: نعم، هو نعيم الجنة، لكن لا يمنع أن نبقي الآية على إطلاقها، فنقول: إذا كان هذا نعيمهم في الجنة، فلهم نعيم قبله يعتبر تقدمة له، وهو نعيمهم في الدنيا، نعيم الإيمان، وطيب النفس، واليقين. ونعيم في القبر، عندما يدخل المؤمن في قبره، ويفسح له مد بصره، ويفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها وريحانها." 
-: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ﴾ ما هي الأرائك؟
السرر لكنها سرر مزينة ومزخرفة، ليست سريرا فقط؛ بل عليها ستور مرخاة، وفيها من أنواع الجمال والحبور واللذة وطيب المنظر، ما يجعلها مختلفة عن بقية السرر، فلا تسمى أريكة إلا إذا كانت في الحجلة، والحجلة مثل سرير العروس، يوضع فوقها ستور مرخاة، وأشياء تجملها وتجعلها في غاية البهاء والجمال. 
"( على الآرائك ينظرون ) ينظرون إلى ماذا ؟!" 
"هل ينظرون إلى نعيمهم؟ أو ينظرون إلى بعضهم؟ أو ينظرون إلى ربهم؟ أو ينظرون إلى الكفار وهم في نار جهنم يكتوون بنارها؟ نقول: ما دام اللفظ مطلقا في القرآن فنبقيه على إطلاقه. ولذلك من قال: ينظرون إلى نعيمهم؛ فهو صحيح. ومن قال: ينظرون إلى بعضهم كما قال الله: ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]، قلنا صحيح. ومن قال: ينظرون إلى ربهم؛ قلنا صحيح؛ لأن في الآيات المتقدمة واللاحقة ما يدل على ذلك. ومن قال: ينظرون إلى إخوانهم الذين كانوا في الدنيا معهم، وكانوا على غير دينهم، ينظرون إليهم وهم في النار يصرخون من عذابها، فهو صحيح، لأنه ورد في سورة الصافات ما يدل على ذلك." ١١:٠٧ هذه سبيلي
أسأل الله أن نكون منهم .
﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ 
"﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾، يعني ترى على وجوههم أثر النعمة، وأثر السرور والحبور، ويعرف دائما سرور الإنسان وحبوره، والتذاذه النفسي، وطيب قلبه، بما يرى على وجهه. يقول عثمان بن عفان: ""وما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحة وجهه وفلتات لسانه"". ففي وجوههم تعرف نضرة النعيم، كيف أنهم في مطعم طيب، وفراش طيب، ومسكن طيب، وأهل طيبين، ومكان منعم، كل ذلك يرى على صفحات وجوههم." 
( يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ ) 
"قال: ﴿ يُسْقَوْنَ ﴾، ولم يقل: ""يستقون""، لماذا؟ " 
"لأنهم يطوف عليهم غلمان مخلدون، يطوف عليهم غلمان يأتونهم بالماء، يأتونهم بالطعام، لأن الجنة دار لا عناء فيها ولا تعب. "
رحيق ما معناه؟! 
"نعم الرحيق هو: الخمر، رحيق الجنة خمرها. " 
مختوم أي ؟!
" أي خاتمته مسك. " 
﴿ وَفِي ذَلِكَ ﴾، أي في مثل هذا النعيم ﴿ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾، ليتسابق أهل السباق، 
"ولا تنتظري أنك تقولي: والله الحمد لله أنا أصلي، أنا لست مثل فلانة، فلانة ما تصلي في السنة إلا مرة، وأنا أحسن منها حالا، أصلي كل يوم مرتين ثلاث. هذه ليست حال المنافس. حال المنافس التي أمر الله أن نكون عليها، هو المرء الذي لا يكاد يبصر أحدا تقدم عليها إلا سعى بجهده في أن يسبقه، وألا يكون خلفه، هذا هو المنافس." 
"قال الله: ﴿ وَمِزَاجُهُ ﴾ أي خلطه، مخلوط بماذا؟ بالتسنيم. "
"هذا التسنيم هو أعلى أشربة الجنة، ومنه سمي تسنيمًا، لأن السنام هو العالي من الشيء، كما هو سنام البعير، فسمي أعلى أشربة الجنة بالتسنيم. قال الله -عز وجل-: ﴿ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ ﴾، أي من شراب عال في الجنة، يخلط مع الرحيق الذي ذكره الله -عز وجل- في هذه الآية." 
"﴿ عَيْنًا ﴾ التسنيم، التسنيم هذا عين. " 
﴿ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾، فالمقربون يشربون صرفا غير ممزوج من التسنيم، أما الأبرار فإنهم يشربون من ماذا؟ الأبرار يشربون من الرحيق المختوم ممزوجا بالتسنيم؛ لأن منصبهم ومقامهم في الجنة دون منصب المقربين .

بعدما ذكر هذا النعيم، وذكر هذا العذاب، وأين كتاب الفجار، وأين كتاب الأبرار، ذكر لنا حال أولئك الذي كانوا يؤذون المؤمنين ويكذبون بكتاب الله -عز وجل-، وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-، ما هي حالهم في النار؟ ما هي حالهم يوم القيامة؟ سيأتيكم حالهم، سيذكر حالهم في الدنيا ماذا يفعلون بالمؤمنين، وحالهم في الآخرة.
قال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا ﴾ أي في الدنيا، ﴿ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ ماذا؟ ﴿ يَضْحَكُونَ ﴾، يستهزؤون ويسخرون .
قال الله -عز وجل-: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ ﴾ ماذا؟ ﴿ يَتَغَامَزُونَ ﴾
كيف يتغامزون ؟!
يشيرون بالأيدي، بالشفاه، بالأعين، للاستهزاء والسخرية والانتقاص من أولئك المؤمنين.
(وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ ) إذا رجعوا إلى أهلهم، ( انقَلَبُوا فَكِهِينَ ) 
كيف فكهين ؟!
أي متعجبين، أو مستهزئين ساخرين بأولئك الذين رأوهم من المؤمنين، فلا شغل لهم في ليلهم ونهارهم إلا هؤلاء
وَإِذَا رَأَوْهُمْ ﴾، رأوهم في المجالس، أو في الأماكن، أو في وسائل الإعلام، ﴿ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾، بأي صورة من صور الضلال، كأن يقولوا: هؤلاء رجعيون، هؤلاء إرهابيون، هؤلاء متزمتون، هؤلاء... إلى آخره من العبارات التي هي بمعنى كلمة ﴿ لَضَالُّونَ ﴾، لأن المقصود المعنى، وليس المقصود اللفظ.
وهذا تلاحظونه في عصرنا وبكثرة كل يصنف الآخر بلا دليل ولا حق في ذلك .
﴿ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴾، لم يجعل الله هؤلاء حافظين لأعمال هؤلاء، انشغلوا بأنفسكم، صححوا أوضاعكم، انظروا إلى أعمالكم، تركتم الحق، وسخرتم بالمؤمنين.
 ﴿ فَالْيَوْمَ ﴾ الذي هو يوم القيامة، يوم يكون الناس فيه أبرارا وفجارا، هؤلاء في الجحيم وهؤلاء في النعيم.

﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴾، كان هؤلاء في الدنيا يضحكون، إذن تنقلب الآية في الآخرة، فيضحك المؤمنون من الكفار كما ضحك الكفار في الدنيا من المؤمنين، جزاء وفاقا.
ثم قال: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ﴾، يعني: والمؤمنون جالسون على الأرائك وهم ينظرون إلى الكفار فيضحكون منهم.
﴿ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾، استفهام للتقرير، يعني هل جوزي، "ثوب" بمعنى: جوزي ﴿ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾، نعم لقد جوزي الكفار ما كانوا يفعلون، وأخذوا حظهم من العذاب جزاءً وفاقًا، لم يظلمهم الله -سبحانه وتعالى- شيئًا من أعمالهم.

وهنا نختم بفضل الله سورة المطففين