الاثنين، 3 نوفمبر 2014

الدرس الخامس | فقهيات |

 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :

أم عمــر





[الدرس الخامس]



 بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن  محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله أحبتي في الله جعلنا الله وإياكم من أهل مجالس الذكر ومن أهل طاعته .

يتجدد بكم اللقاء في هذا اليوم المبارك في درس جديد فحياكم الله

نبدأ درس اليوم ودرسنا لهذا اليوم إكمال لباب الطهارة وهو :


( التيمم )


التيمم لغة : القصد .

وشرعاً : هو مسح الوجه واليدين بالصعيد الطيب ، على وجه مخصوص ؛ تعبداً لله تعالى .


حكم التيمم ودليل مشروعيته :

التيمم مشروع ، وهو رخصة من الله عز وجل لعباده ، وهو من محاسن هذه الشريعة ، ومن خصائص هذه الأمة .

لقوله تعالى :ر{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" الصعيد الطيب كافيك وإن لم تجد الماء عشر حِجج ، فإذا وجدت الماء فَأمِسَّه بَشَرَتَك " . ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطهوراً " .

وقد أجمع أهل العلم على مشروعية التيمم إذا توافرت شروطه ، وأنه قائم مقام الطهارة بالماء ، فيباح به ما يباح بالتطهر بالماء من الصلاة والطواف وقراءة القرآن وغير ذلك .

وبذلك تثبت مشروعية التيمم بالكتاب والسنة والإجماع .


الأسباب المبيحه للتيمم :

يباح التيمم عند العجز عن إستعمال الماء : إما لفقده ، أو لخوف الضرر من استعماله لمرض في الجسم أو شدة برد .


شروط التيمم هي :

أولًا : عدم الماء .

لقول الله تعالى: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } ، وعدم وجود الماء يدخل فيه عدم الماء إنعدامه وأيضاً عدم القدرة على استعمال الماء لمرض ونحوه .


ثانياً : دخول الوقت .

عند بعض أهل العلم دخول الوقت .

أي بمعنى  أنَّ الإنسان إذا كان يريد أن يتيمم فلا يصح أن يتيمم لصلاة الظهر قبل دخول وقتها .


ثالثاً : قالوا: طلبه في رَحْلِه وقريبًا منه .

قالوا: لا يجوز للإنسان أن يتيمم حتى يبحث في رحله ، أي في بيته ، أو في مُخيمه ، أو في خيمته ، أو في مكانه الذي هو فيه ؛ لأنَّ الواجب أن يستعمل الماءَ ، ولا يصح دعوى عدم وجود الماء إلا بيقينٍ ، واليقين لا يتحقَّق إلا بالبحث .


صفة التيمم :

أن ينوي ، ثم يسمي ويضرب الأرض بيديه ضربةً واحدة ، ثم ينفخهما - أو ينفضهما - ثم يمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين ؛

لحديث عمار أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: "إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا" فضرب بكفه ضربة على الأرض ، ثم نفضها ، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه .


صفة التراب الذي يصح التيمم به :

ـ أن يكون التيمم بتراب طهور غير نجس كالتراب الذي أصابه بول ولم يطهر منه .

- له غبار يعلق باليد إن وجده لقوله تعالى : { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } .

قال ابن عباس : ( الصعيد : تراب الحرث ، والطيب : الطاهر ) ، فإن لم يجد تراباً تيمم بما يقدر عليه من رمل أو حجر ، لقوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } . قال الأوزاعي : الرمل من الصعيد .


مبطلات التيمم :

ـ يبطل التيمم عن حدث أصغر بمبطلات الوضوء ، وعن حدث أكبر بموجبات الغسل من جنابة وحيض ونفاس ، فإذا تيمم عن حدث أصغر ، ثم بال أو تغوَّط ، بطل تيممه ؛ لأن التيمم بدل عن الوضوء ، والبدل له حكم المبدل ، وكذا التيمم عن الحدث الأكبر .

- وجود الماء إن كان التيمم لعدمه ، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك " .

ـ زوال العذر الذي من أجله شرع التيمم من مرض ونحوه .


مقطع قصير جداً يوضح صفة التيمم :

http://m.youtube.com/watch?v=c65ySDg7Ma8"


انتهى 

الدرس الرابع | فقهيات |



 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :

أم عمــر




[ الدرس الرابع ]


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :


"السلام عليكن ورحمة الله وبركاته

مساءٌ عامر بذكر الله حياكن الله أحبتي في  الله  يتجدد اللقاء بكن اليوم في درس جديد عسى الله أن ينفعنا ويجعل اجتماعنا مباركاً .


نبدأ مستعينين بالله درسنا لهذا اليوم:


( المسح على الخفين )


المسح لغة : ضد الغسل .

واصطلاحاً : إمرار اليد على الشيء ؛ ومنه مسح فلان الحائط ، أي : مر عليه بيده .

قال الإمام أحمد – رحمه الله - : ليس في قلبي من المسح على الخفين شيء فيه أربعون حديثاً

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال الحسن البصري – رحمه الله - : روى أحاديث المسح سبعون رجلاً من الصحابة من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم .


ما يمسح عليه :

– الخُف : ما يُلبس في الرِّجل من جلد ، وجمعه خفاف وأخفاف .


- الجورب : ما يُلبس في الرِّجل مطلقاً ، وجمعه جوارب .


- جرموق : خف قصير يُلبس على خف آخر"


شروط المسح على " الخف و الجورب و الجرموق "

منها المتفق عليه ومنها المختلف فيه :


- أن يلبسها على طهارة كاملة .

- أن يكونا سميكين وفيه خلاف ، ولا بأس بالمسح على الشفاف والأحوط أن يكون سميكاً .

- أن لا يكونا مغصوبين .

- أن لا يكونا من مُحرَّم كجلد كلب أو خنـزير .

- أن يستر محل الفرض ، وهو تجاوز الكعبين .

- نزعه بعد انتهاء المدة ( مدة المسح ) .

مدة المسح :

للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن . وبعضهم أجاز المسح في السفر أكثر من ثلاثة أيام لحديث " امسح ما شئت " وهو حديث ضعيف باتفاق العلماء

كما قال النووي – رحمه الله - .

كيفية المسح :

عند البيهقي ، عن المغيرة - رضي الله عنه - : أنه كان يمسح باليد اليمنى على الرِّجل اليمنى مفرجة الأصابع ، واليسرى على اليسرى .

هذه هي الطريقة الصحيحة ؛ والسنة : أَنْ يبدأ من أول أصابع القدم حتى أول الساق مرة واحدة .


لو اقتصر بالمسح على الخفين بيدٍ واحدة جاز ذلك .

لو مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى في لحظة واحدة جاز وصح مسحه .


متى تبدأ مدة المسح :

أن مُدة المسح في خلاف والراجح أنها  تبدأ من بعد أول مسحة بعد الحدث .

ومُقتضى هذا التقييد "أول مسحة بعد الحدث ": أن الإنسان لو توضأ لتجديد الوضوء ، ومسح على الجوربين لا يبدأ مُدة المسح ؛ فأي مسحة ليست بعد حدث لا تُحتسب .

واستدل أصحاب هذا القول :

بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم والمسافر والمقيم لا يمكن أن يمسحوا هذه المُدة إلا إذا بدأ وقت المسح من المسحة الأولى ؛ لأنه إذا بدأنا من الحدث مسح أقل من يوم وليلة .


مكروهات المسح على الخفين :

– الزيادة في المسح على واحدة .

– غسل الخف .

– أن يمسح مع ظاهره باطنه .



- صفة المسح على الخفين :

"http://m.youtube.com/watch?v=oKzKkL7yzcg&desktop_uri=%252Fwatch%253Fv%253DoKzKkL7yzcg


"وهذا للإستزادة مهم جداً :

http://www.saaid.net/mktarat/sh/14.htm"


انتهى


            

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

الدرس الثالث | فقهيات |

 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :

أم عمــر



[ الدرس الثالث ]


بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن  محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد :


السلام عليكن ورحمه الله وبركاته

مساءٌ عامر بذكر الله حياكن الله أخواتي في درسً جديد عسى الله أن ينفع به

درسنا لهذا اليوم بإذن الله سيكون إلحاقاً للدرس السابق ( الغسل ) ويحتاج لشيء من التفصيل


درسنا هو : ( موجبات الغسل )


ونعني بكلمة موجبات يا رعاكم ربي هي : الأشياء التي توجب على المرء أن يغتسل لأجلها ، وهذه الأشياء منها ما هو مجمع عليه ، ومنها ما هو مختلف فيه ، وسوف نذكرها إن شاء الله ، والتي يظهر والله أعلم أكثرها هي ستة موجبات ، وبعضهم يجعلها خمسة على الخلاف في هذا الأمر ، وبعضهم يجعلها سبعة ، يعني بعضهم يجعلها خمسة وهذا هو الراجح ، وبعضهم يجعلها ستة بدخول الذي أسلم ، هل يجب عليه الإغتسال  أم لا ؟! .


- الموجب الأول : [ خروج المني ]


ونقصد بالمني : هو ماء أبيض غليظ يخرجُ عند اشتداد الشهوة ، وهذا في حق الذكر، وأما في حق المرأة فهو ماء أصفر رقيق ولا يكاد في الغالب أن تعرف المرأة هذا الماء ؛ لأن الرجل إنما يعرف ذلك لأن خروجه إنما يكون تدفقًا ، بدفق ، أما المرأة فربما لا ترى شيئًا فيشكل عليها هل هذا الخارج منها مذي ، أم أن الخارج منها ماء ؛ لأن غالب ما يخرج من المرأة يكون من الداخل ، ولهذا قد لا تعرف المرأة أنها يخرج منها هذا أم لا .

ولهذا يظن بعض النساء أن أول ما يخرج منها حال وجود الشهوة أنه مني ، والصحيح أن هذا ليس بمني ، وإنما هو مذي ، ولهذا تتوضأ منه وتغسل فرجها وأن هذا مذي ولا يجبُ فيه الغسل ، ولا ينبغي للمرأة أن توسوس في مثل هذا ، حتى إنه دخل على النساء في هذا الباب باب من الوساوس الكثيرة ، وهذا من قلة الفقه وعدم الخوف من الله سبحانه وتعالى ؛ لأن طاعة الشيطان تكون في مثل هذا ، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- " يكون في آخر الزمان قوم يعتدون في الطهور والدعاء " وهذا من الاعتداء في الطهور ، والله المستعان .


خروج المني :

* إما أن يكون حال اليقظة  || * وإما أن يكون حال النوم ،

فإن كان حال اليقظة فلا بد فيه من شرطين :

- الشرط الأول : أن يخرج بلذة وشهوة ، وعلى هذا فلو خرج مني الرجل من غير شهوة ولا لذة فلا يجب فيه الغسل .

- الشرط الثاني : أن يخرج بدفق ، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- كما في رواية أبي يعلى : " إنما الغسل لمن دفق " ، وهذا يدل على أنه لا بد فيه من شرطين .


وأما إن كان حال النوم :

فلو خرج منه شيء حال النوم من ماء الرجل أو ماء المرأة فإنه يجب فيه ماذا ؟ الاغتسال ، وهذا أمر مُجمع عليه عند أهل العلم، واستدلَّ العلماءُ بقوله -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلمٍ: " إنما الماء من الماء "  فهو عامٌّ حالَ اليقظةِ وحال النومِ .

وقد ذهب ابن عباس إلى أن حديث " إنما الماء من الماء " إنما هو خاص في حال الاحتلام ، والصحيح أن هذا كما يقول أهل العلم إنما هو حال اليقظة من غير إتيانِ الرجل أهلَه ، أو في حال النوم ، وأما إذا أتى الرجلُ أهله كما سوف يأتي بيانه ولو لم ينزل ؛ فإنه يجب فيه الإغتسال لحديثٍ آخرَ .

وعلى هذا فإذا وُجد حالَ النومِ بأنْ قام من النوم ، فوجد بللاً يعرف أنه هذا هو ماءُ الرجل أو أنَّ المرأة تعرف أن هذا هو ماؤها الذي يأتيها وقتَ اشتداد الشهوةِ ، فإننا نقولُ :

يجبُ عليه أن يغتسلَ ، ودليلُ ذلك ما ثبت في الصحيحينِ من حديث أم سلمةَ -رضي الله عنها- قالت : جاءتْ أم سليمٍ إمرأة أبي طلحةَ ، فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " نعم ، إذا هي رأت الماء "، فعلق النبي -صلى الله عليه وسلم- الإغتسال بوجود الماء .

وعلى هذا ؛ فلو أحسَّ الإنسان وقت نومه أنه يأتي أهله ثم قام فلم يجد بللاً ، فهل يجب عليه الإغتسال ؟ لا يجبُ عليه إغتسال ، وهذا قول واحد ، بل حكى بعضهم الإجماعَ وإن كان في المسألة خلاف في هذا كما هو قول لبعض فقهاء الشافعية وبعض فقهاء الحنابلة .

والصحيح أنه إذا تذكر أو رأى في المنامِ أنه يأتي أهله ، ثم قام فلم يجد بللاً فلا يجب عليه الغسل ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- " نعم ، إذا هي رأت الماء "

أي لو أنها لم ترَ الماء ، فهل يجب عليها الغسل ؟ لا يجب عليها الغسل .

وفي الحديث أن عائشةَ قالت : فضحتِ النساء يا أمَّ سليم ! تربت يمينك ! قال -صلى الله عليه وسلم-: " بل أنتِ تربت يمينُك يا عائشة " .

وفي رواية أخرى ، أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت : يا رسول الله ، أوتحتلم المرأة ؟! هذا فيه دلالة على أن الإحتلامَ الغالب يكون في الرجل ، والغالب ألا يكون في المرأة ، لكن قد يوجدُ عند بعض النساء وقد لا يوجد ، وعلى هذا فبعض النساء يجبُ أن يعلمْنَ أن هذا أمر مختلف في حال النساء ، ولهذا قالت أم سلمة : أوتحتلم المرأة ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : " نعم ، فبم يكون ولدها شبهها " ، دليل على أن المرأة عندها ماء ، لكن قد تعرف خروجه ، وقد لا تعرف ، وقد تراه وقد لا تراه ، هذا يدل على أن هذا يختلف من امرأة إلى أخرى .


- الموجب الثاني : [ الجماع ]


لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا التقى الختان الختان فقد وجب الغسل "


الموجب الثالث والرابع : [ خروج الحيض والنفاس ]


خروج دم الحيض ، وخروج دم النفاس، فهو ثلاثة وأربعة ، وقد أجمع أهل العلم على أن خروج الحيض وخروج النفاس أنه موجب من موجبات الغسل بعد انقطاعه ، وقد قال الله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } ، ومعنى يطهرن : أي ينقطع منهن الدم { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } ؛ أي اغتسلن، { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } وهذا هو الإغتسال .


- الموجب  الخامس : [ الموت ]


ذكر أهل العلم أن الموجب الخامس هو الموت .

ما هو ؟ الموت .

وهذا أمر من موجباته ولكن ليس في حق الميت ، ولكن في حق الأحياء ، فالموت موجب من موجبات الغسل ، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل الذي وقصته ناقته : " اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين ولا تغطوا وجهه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة مُلبيًا " ، فقوله: " اغسلوه بماء وسدر " وهذا واجب .


الموجب السادس : [ الإسلام ]


قال بعض أهل العلم الدخول في الإسلام . وهو على خلاف بين أهل العلم


انتهى



*******

الدرس الثاني | فقهيات |


 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :


أم عمــر



[ الدرس الثاني ]


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ، الحمد لله الذي علم العثرات ، فسترها على أهلها وأنزل الرحمات ، ثم غفرها لهم ومحا السيئات ، فله الحمد ملء خزائن البركات ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات ،

وأصلي وأسلم على من قضى نحبه في الدعوة لعبادة الله ، وأقام اعوجاج الخلق بشريعته ، وعاش للتوحيد ففاز بخلته ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته

وعلى آله وصحابته .


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساءٌ عامر بذكر الله حياكن الله اخواتي في درسٍ جديد عسى الله أن ينفع به.."


نبدأ بإذن الله بدرس اليوم ..


"ودرسنا لهذا اليوم ( الغسل )

إكمالاً "لباب الطهارة"

الغسل من الجنابة هو من أهم مهمات الراغب في أداء العبادة ؛ لأن الإنسان لا بد إذا أراد العبادة أن يتطهر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ "، وهذا يدل على أنه لا بد لكل مكلف ذَكَر كان أو أنثى أن يتفقه في أحكام الغسل .


(صفه الغسل)

للغسل من الجنابة صفتان :

- الصفة الأولى :

صفة الغسل الكامل : وهو المشتمل على الواجب والمستحب ، وهذه الصفة وردت في حديث عائشة رضي الله عنها في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وهي :


أولاً : أن ينوي بقلبه و يغسل يديه ثلاثاً ،

ويغسل فرجه ، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً مع غسل رجليه ،

وأحيانا يؤخر غسل الرجلين في آخر الغسل .

ثانياً : ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات ، يروي أصول شعره ، ثم يعم بدنه بالغسل مرة واحدة .

* ويستحب أن يتيامن وأن يدلك بدنه بيديه ليصل الماء إليه .


- الصفة الثانية :

الغسل المجزئ : وهي الواجبة وهو أن ينوي ، وأن يعم بالماء جميع بدنه، مع المضمضة والاستنشاق على أي كيفية كانت .

* فهي تعميم جميع الجسم بالغسل بمعنى أن يغسل جميع جسمه بالماء على أي كيفيةٍ كانت ، ومنها : لو نوى وانغمس في بركة  إنغمس كله حتى عم الماء جميع بدنه فإنه بذلك يكون قد تطهر من الجنابة .

بهذا نكون قد انتهينا من صفة الغسل .


..

نتناول الآن بعض الأخطاء الشائعة :

" بعض النساء في الغسل لا تغسل شعرها نهائياً "

صحيح أنه في  غسل الجنابه يجزئ أن تحثي على شعرها الماء دون أن تنقض ( تفك بالعامي شعرها ) ولكن لا بد أن يصل الماء للشعر .

* أما في غسل الحيض والنفاس  يلزمها أن تنقض شعرها كله وتغسله .


- ومسأله أخرى :

بعض النساء بعد الإغتسال تُعيد الوضوء للصلاة والصحيح أن الغسل قد رُفع به الحدث فلا تتوضأ إلا إذا أحدثت وإنما يكفيها الغسل .



- هذا الرابط للإستفادة :


http://m.youtube.com/watch?v=mkXtriNUCPI&desktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3DmkXtriNUCPI#


صفة الغسل للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ..

   

انتهى

     

*******

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

الدرس الأول | فقهيات |

 "



[ دروس فقهيات ]


..


المقدمة في تطبيق line

من إعداد وتقديم الأخت :

أم عمــر



[ الدرس الأول ]


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن  محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .

أما بعد :


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء عامر بذكر الله ومحبته

أشكر مجموعة هذه سبيلي على استضافتهم

ودعوتهم لي لإقامة هذه الدروس أسأل المولى أن يجعله في ميزان حسناتهم ويبارك في جهدهم وعملهم .."

قبل البدء أحبتي :


نُذكر بفضل مجالس الذكر وهي مجالس الملائكة ، فإنه ليس من مجالس الدنيا مجلس إلا مجلس يذكر الله تعالى فيه  , كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملائكة فضلاً , يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر , فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى تنادوا : هلموا إلى حاجتكم , قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا , قال : فيسألهم ربهم تعالى وهو أعلم بهم : مايقول عبادي ؟

قال : يقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك قال : فيقول : هل رأوني ؟ فيقولون : لا والله مارأوك , قال فيقول : كيف لو رأوني : قال : فيقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة , وأشد لك تحميداً وتمجيداً , وأكثر لك تسبيحاً , قال : فيقول : مايسألوني؟

قال : يسألونك الجنة , قال: فيقول: هل رأوها , قال : فيقولون :لا والله يارب ما رأوها, قال : فيقول : فكيف لوأنهم رأوها ؟ قال: يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا , وأشدلها طلباً , وأعظم فيها رغبة , قال: فيقول : فمما يتعوذون ؟ قال : من النار , قال : يقول : وهل رأوها ؟

قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً , وأشد لها مخافة , قال : يقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم . قال : فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم , إنما جاء لحاجة , قال : هم الجلساء لايشقى بهم جليسهم "

رواه البخاري .

أسال الله أن يجعلنا من أهلها.


أحبتي في الله :

لما رأينا من أخطاء ومنهيات يحزن لها القلب من أمهاتنا وكذا من أخواتنا في أمور قد لا يعذر فيها جاهل وخصوصاً في وقتنا مع توفر الكثير من وسائل العلم ، كان هذا العمل وهو عبارة عن دورس وشروح مبسطة مدعومة بصور توضيحية لأُمهاتنا وأيضاً أخواتنا أسال الله أن ينفع به .. وقد اجتهدنا أن يكون سهلا ميسراً حتى يُفهم من الجميع .


أولاً :

نبدأ بإذن الله تعالى بـ (باب الطهارة) ،

وتحديداً ( الوضوء ) من أجل التبسيط وإلا فباب الطهارة واسع .


..

( صفه الوضوء )

* إذا أراد المسلم أن يتوضأ فإنه ينوي الوضوء بقلبه ثم يقول : ( بسم الله ) وإذا نسي أن يسمي فلا شيء عليه لأن التسمية سنة وليست بواجبة .

* ثم يُسن أن يغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يبدأ وضوءه .


* ثم يتمضمض ، أي : يدير الماء في فمه ، ثم يخرجه .

* ثم يستنشق ، أي يجذب الماء بنَفَسٍ من أنفه ، ثم يستنثر ، أي يخرجه من أنفه .

* ويُستحب أن يُبَالغ في الاستنشاق ( أي يستنشق بقوة ) إلا إذا كان صائماً ، فإنه لا يُبالغ ، خشية أن يدخل الماء إلى جوفه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً "


* ثم يغسل وجهه ، وحدُّ الوجه طولاً : من منابت شعر الرأس ، إلى ما انحدر من اللحيين والذقنين ، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً .


بالنسبه للرجال : الشعر الذي في الوجه إن كان خفيفاً فيجب غسله وما تحته من البشرة ، وإن كان كثيفاً وجب غسل ظاهره ، لكن يُستحب تخليل الشعر الكثيف ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء .

* ثم يغسل يديه مع المرفقين ، لقوله تعالى { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } .


* ثم يمسح رأسه مع الأذنين مرة واحدة ، ويبدأ من مقدمة رأسه ثم يذهب بيديه إلى مؤخرة رأسه ثم يعود إلى مقدمة رأسه مرة أخرى، ثم يمسح أذنيه بما بقي على يديه من ماء الرأس .

..

وهنا مسأله يجب التنويه لها وهي كيفية المسح على الرأس بالنسبه للنساء

قال سعيد بن المسيب : المرأة بِمَنْزِلة الرجل تمسح على رأسها .

وليست المرأة مأمورة بأن تمسح شعرها إلى مُنتهاه ، فإنه لو أريد هذا لقيل امسحوا بشعوركم ، وإنما جاء الأمر في كتاب الله :{ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ } .

وجاءت السنة ببيان هذا المسح فمسح النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه ، ولم يُنقل – فيما أعلم – أنه صلى الله عليه وسلم مسح على شعره إلى مُنتهاه ، مع أنه عليه الصلاة والسلام كان له شعر ربما ضَرَب على منكبيه .

* والخلاصة أن الذي يُمسح عليه هو ظاهر الرأس ، فلا تُكلّف المرأة أن تمسح الشعر إلى منتهاه .

وأنه يجوز للمرأة والرجل أن يكون ابتداء المسح من منتصف الرأس ، فيُمسح باليد اليمنى على يمين الرأس ، وباليد اليسرى على يسار الرأس ، ويُمسح مُقدَّم الرأس إلى الأمام ، ومؤخّر الرأس إلى الخلف إلى أن يبلغ القفا ، وهو منتهى الرأس من الخلف .

ولا يُكلّف الرجل ولا المرأة أن يُوصِل الماء إلى أصول الشعر في الوضوء ، وإنما المسح على ظاهر الشعر ،وإنما يجب إيصال الماء إلى أصول الشعر في حال الغُسْل .

* ثم يغسل رجليه مع الكعبين ، لقوله تعالى { وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } والكعبان هما العظمان البارزان في أسفل الساق  ويجب غسلهما مع الرجل .


* ثم يقول بعد فراغه من الوضوء :" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين "

* يجب على المتوضئ أن يغسل أعضاءه بتتابع ، فلا يؤخر غسل عضو منها حتى ينشف الذي قبله .

* يباح أن يُنشف المتوضئ أعضاءه بعد الوضوء .



- مقطع يوضح صفة الوضوء

http://youtu.be/Yw3WN1QVN2s


- وهذا أيضاً يبين صفة الوضوء ويوضح أهمية استشعاره

http://youtu.be/mjVQtwZId8Q"



وقبل الختام أحبتي في الله نتناول خطأً شائعاً يكثر عند البعض :


"وهو اعتقاد أنه لا بد من الإستنجاء عند كل وضوء"


ولا يشترط للوضوء أن يغسل المسلم فرجه ، لأن غسل الفرج ( القُبُل أو الدُبُر ) يكون بعد البول أو الغائط ،

الإستنجاء إنما يجب لإزالة الخارج النجس من القبل أو الدبر ، فإذا استنجى المسلم بعد قضاء حاجته وأزال النجاسة على الوجه المأمور به شرعا ، ثم أراد الوضوء فإنه يتوضأ دون أن يعيد الاستنجاء .

وقد بين الشيخ صالح الفوزان هذه المسألة فقال في الملخص الفقهي : وهنا أمر يجب التنبيه عليه ، وهو أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء ، فإذا أراد أن يتوضأ ؛ بدأ بالاستنجاء ، ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة ، وهذا خطأ ؛ لأن الاستنجاء ليس من الوضوء ، ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة ، ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة .  

والله أعلم .


أسأل الله أن ينفعنا بماعلمنا ويعلمنا ماينفعنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .


انتهى

                      

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

اللقاء العاشر ، الحادي عشر | تدارس |

'

لقاءات مجموعة | تدارس 📚 |
 في تطبيق لاين [line] 
الدرس العاشر ، الحادي عشر :




سورة الإنفطار مكية أم مدنية ؟!

هي سورة مكية بالإجماع، لم يقع فيها خلاف.

والسورة المكية يكون حديثها عن ماذا ؟!
لأنه في فترة وجود النبي صلى الله عليه وسلم

وذلك في بداية دعوته كان يُأصل العقيدة فكان حديث السور عن القيامة وأهوالها وعن العقيدة لأن التشريعات والعبادة جُلها لم تنزل إلا بعد هجرته إلى المدنية .


 النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين، فليقرأ ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ و ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ﴾، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ ﴾»، فذكر ثلاث سور، تصور لك يوم القيامة تصويرًا بالغًا، وتبين لك مدى الهول الذي سيلقاه الناس، وستلقاه الخلائق في ذلك اليوم.

سورة الإنفطار كما قلنا تتحدث عن مشاهد يوم القيامة، لكن ليس بالإطناب المذكور في سورة التكوير، وذلك لأن سورة التكوير تقدمت، فجاء فيها من المشاهد ما هو أكثر .

يقول الله -عز وجل-: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ﴾، ما معنى انفطرت؟ السماء طبعًا معروفة لا يحتاج إلى أن نعرفها .

انفطرت: انشقت.
وهنا وقفه لعلنا نبين شيئا مرتبط بالسورة الماضية وبهذه السورة والسورة القادمة بإذن الله .

 جاء في هذه السورة ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ﴾، وجاء في سورة الانشقاق: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]، وجاء في سورة التكوير: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ [التكوير: 11].
وصفت السماء بثلاث أوصاف انفطرت وانشقت وكشطت كيف نجمع بينها ؟!

الانفطار، يقول العلماء: هو أول الانشقاق، ينفطر الشيء، ثم ما يزال يزداد حتى يتضح الانشقاق، ولذلك جاء في هذه السورة ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ﴾، وجاء في سورة الانشقاق: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]، وجاء في سورة التكوير: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ [التكوير: 11].

فالذي يظهر -والله أعلم- أن ترتيب هذه الآيات كالتالي: انفطار، فانشقاق، فكشط.
والكشط: هو السلخ والذهاب أو الطي، كما قال الله -عز وجل-: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ﴾ [الأنبياء: 104].

بدأ الله السورة بذكر السماء لماذا ؟!
لأن السماء في نظرنا الآن هي أكبر المخلوقات، فنحن لا نرى من مخلوقات الله شيئًا أعظم من هذه السماء، وليس هذا حديثًا عن مخلوقات الله كلها، لكن في نظرنا نحن الآن لا نرى شيئًا أكبر من السماء التي هي قبَّة مشتملة على كل ما في هذا الكون المرئي المبصَر.

قال الله بعدها: ﴿ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ ﴾، انتقل من عالم علويٍّ إلى عالمٍ علويٍّ آخر ولكنه أدنى منه، وهو الكواكب، والمقصود بها نجوم السماء.
قال: ﴿ انتَثَرَتْ ﴾، انتثرت بمعنى ماذا؟
تساقطت، وهذا ما جاء في سورة التكوير، قال: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴿1﴾ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ﴾ [التكوير 1، 2].
قلنا "انكدرت" يمكن أن تكون بمعنى "انكدرت" : تساقطت وانتثرت، وتفسرها هذه الآية.
وانكدرت: من الكدرة، أظلمت وانطفأت.
وهي إذا تساقطت لا شك أنها سينتج من ذلك ويلزم منه أنها ستنطفئ.

قال الله -عز وجل-: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾، "فجرت" بمعنى ؟!

قال الله -عز وجل-: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾، "فجرت" بمعنى: انفجر بعضها على بعض، بعض السلف عبَّر عن هذا بقوله: امتلأت، وبعضهم قال: انفجر بعضها على بعض.
نلاحظ أن هذا يلزم من هذا، فإذا هي امتلأت انفجر بعضها على بعض، فهذه الحدود التي تحدُّ البحار في الكرة الأرضية ستتلاشى وتذهب.
بعضهم قال: انفجرت بمعنى يبست، وهذا بعيد في اللغة، لكنه من حيث المآل صحيح؛ لأنها ستمتلئ فينفجر بعضها على بعض، ثم تسجَّر بنار عظيمة من تحتها فتيبس ولا يبقى لها وجود.

وفي هذا النص ستجدون ربطاً بين هذين التفسيرين " فجرت " وسجرت "

قال الله -عز وجل-: ﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾، القبور التي هي مأوى الناس إذا ماتوا.
﴿ بُعْثِرَتْ ﴾ ما معناها؟

بعثرت؛ أي أُثيرت وبُحثت، وأُخرج مَن فيها، فكل مَن في هذه القبور من الأجساد التي دخلت فيها ستخرج بهذه البعثرة.
قال الله -عز وجل-: ﴿ عَلِمَتْ ﴾، هذا جواب "إذا"، يعني إذا السماء، وإذا الكواكب، وإذا البحار، وإذا القبور، في تلك اللحظة كل نفس تعلم ماذا معها من العمل؟ ماذا قدَّمت وماذا أخرت؟
﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾


﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾.
وقوله: ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ﴾؛ أي نفس؟ نفس صالحة؟ نفس فاسدة؟ مؤمنة؟ كافرة؟

كل النفوس عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾، طيب ما معنى ﴿ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾ ؟!
عمل الإنسان قسمان:
- قسم يكون في حياة الإنسان.
- وقسم يكون بعد موته، مثل الصدقة الجارية، والعلم الذي يُنتفع به. فهذا مما أخره الإنسان بعد موته.
فالآية منتظمة لهذا، ومنتظمة لذاك، والمقصود منها: علم الإنسان بعمله كله، أوله وآخره، ما كان في حياته وما كان بعد موته.
وهذه الآية نأخذ منها: أن الإنسان ينبغي كما يقدم عملًا صالحًا أن يؤخر أيضًا عملًا صالحًا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، نسأل الله -سبحانه وتعالى- بمنِّه وكرمه أن يجمعها لنا.
ثم يقول بعدها
(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) هل هو الكافر أم المؤمن ؟!

المراد به الإنسان الكافر، لأن قوله: ﴿ مَا غَرَّكَ ﴾ جعلك تغتر، فتقصر في حق ربك، ولا تقوم بما هو واجب عليك من الإيمان والطاعة؛ هذا لا يليق إلا بالإنسان الكافر.
ولذلك ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ﴾ ما الذي غرك بربك الكريم.
قوله: ﴿ بِرَبِّكَ ﴾ لمزيد العتاب والذم لهذا الإنسان الذي اغتر بحياته وما أوتيه في الدنيا، وترك طاعة ربه والإيمان به وبآياته ورسله، وليست لإعطائه الحجة على الله -سبحانه وتعالى- كما يقول بعض المتأولين.

فقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ﴾، الذي خلقك، ربَّاك، سوَّاك، أعطاك، أنعم عليك، حفَّك بربوبيته، أكرمك

هذا هو ربك الذي له النعمة الكاملة عليك، ولذلك ما قال: "ما غرك بالله" ما جاء بلفظ الألوهية، وإنما جاء بلفظ الربوبية ليُبيِّن كيف كان الرب رحيمًا، عطوفًا، كريمًا مع هذا الإنسان، لئلا يبقى له حجة على الله.
ولذلك هذه جاءت "ربك" و"الكريم" لإقامة الحجة على الإنسان وإلجامه، كيف ربك أكرمك؟ هل قصَّر عليك؟ هل لم يُرسل لك الرسل؟ ولم يعطك الوسائل التي تتعرف بها على الحق من الباطل؟ هل هناك شيء تحتجّ به على الله؟ تقول: ما بان ليَ الحق، ما ظهر ليَ المراد، ما أرسلت ليَ الرسل، ما أنزلتَ عليَّ الكتب، ما أوضحت لي المراد، لم تجعل لي عينين، لم تجعل لي أذنين، لم تجعل لي لسانًا وشفتين؟ أبدًا، كل ذلك ليس من حقك أن تقوله لله -عز وجل-؛ لأنه ربَّاك وأكرمك. إذن فما حجَّتك؟
وفي صيغة العتاب هذه تبيين لهذا الإنسان بنعم الله عليه فكيف اغتر بنفسه وكفر بربه قال الله -عز وجل-: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴿6﴾ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾.
خلقك بمعنى أنشأك وأوجدك من العدم.
سوَّاك: جعلك مستويًا، يعني كل جزء من أجزائك يؤدي عملًا معيَّـنًا وباستواء.

﴿ فَعَدَلَكَ ﴾ أو ﴿ فَعَدَّلَكَ ﴾ جعلك معتدلًا في كل شيء، تجد للإنسان عينين إحداهما في اليمين، والثانية في اليسار. يدين، إحداهما هنا، والثانية في نفس المكان من الشق الآخر. ولم يجعل مشوَّشًا بمعنى أن يدًا في الجنب، ويدًا في الظهر مثلًا، أو عينًا في الأمام، وعينًا في الجنب، أو رجلًا في الرأس، أو رأسًا في الرِّجل أو في القدم، أو في الركبة، لا، جعلك أيضًا معتدلَ الخِلقَة قائمًا مستويًا على خلاف ما هو حال مثلًا هذه البهائم التي سخرها الله لك .

وهنا يبين الله لهذا الإنسان كيف خلقه وسواه معتدلاً .
قال الله -عز وجل-: ﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾؛ أي جعلك في صورة هو شاءها، هذه الصورة هي أجمل الصور وأحسنها، وليس لك من أمر صورتك شيء، يعني لستَ أنتَ الذي تصنع هذه الصورة، فلو وُكِلَ ابن آدم أن يصنع صورة لصنعها على وجه واحد، وصرنا لا نفرق بين أمل ولا هدى ، ولا أسماء ، ولا غيرهم، صاروا كلهم شيئًا واحدًا، فالله -عز وجل- من رحمته، ومن حكمته أن جعل التصوير إليه، ولم يجعله لأحد، ولذلك يخلقنا في أي صورة هو يشاؤها -سبحانه وتعالى-، مرة تشبه خالك، ومرة تشبه عمَّك، ومرة تشبه أباك، ومرة تشبه أمك، ومرة يكون الشبه إلى جنس أخوالك، أو جنس أعمامك، وهكذا.
وهنا ستجودون عجباً وكيف أن الله جعل صورة البشر إليه لا إلى أنفسهم .

ثم لمَّا ذكَّر بالنعم، وعاتب الإنسان على معصيته، وعدم قيامه بطاعة ربه، واستعداده للقاء الله -عز وجل- قال: ﴿ كَلَّا ﴾.
﴿ كَلَّا ﴾ ردع وزجر لهذا الإنسان الذي اغتر وترك الاستعداد للقاء الله، والاستعداد لذلك اليوم المهول العظيم.
﴿ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴾، ما أشغلكم، ولا غرَّكم، ولا جعلكم تنسون لقاء الله؛ إلا تكذيبكم بيوم الدين، فلو أنكم صدقتم به وعرفتم أنكم ستلاقون الله لعلمتم حقًّا، أو لفعلتم حقًّا ما يجب عليكم فعله من الإيمان والطاعة.
والدين: هو الجزاء والحساب.
( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ) هنا يعود المقام إلى تذكير العبد بأنه تحت رقابة الله، وأن الله ما خلقه عبثًا، ولا جعله هملًا، ولم يتركه سدًى، بل خلقه في حالة تدل على أنه متابَع ومراقَب ليستعدَّ للقاء آخر يُجازَى على كل شيء، ويُحاسَب على كلِّ صغيرة وكبيرة.
من هم هؤلاء الحافظون ؟!
نعم الملائكة لذلك قال بعدها ﴿ كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾.
﴿ كِرَامًا ﴾: يعني ذوي منزلة عالية رفيعة عند الله، والكريم من كل شيء هو أعلاه في جنسه.
وهنا تنبيه يسير  الحافظون هم الملائكة، يحفظون على الإنسان كل عملٍ من أعماله، وليس المقصود بالحفظ هنا -بالمناسبة- هو الحفظ من وقوع المقدور، لماذا؟ لأن الآيات دالَّة هنا على معنًى في الحفظ غير المعنى المذكور في قول الله -عز وجل-: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]، وقوله: ﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴿1﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ﴿2﴾ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴿3﴾ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق 1-4 ].
فالحفظ هنا في سورة الطارق، وفي سورة الرعد هو أن تحفظ الملائكةُ الإنسان من وقوع المكروه، أو وقع ما لم يُقدَّر عليه.
أمَّا هنا فالمقصود بها حفظ الكتابة، فكل ما تقوم به من عمل، ما تلفظ به من قول، فهو مدوَّن ومسجَّل ومثبَت، تثبته هؤلاء الملائكة ولا يتركون منه شيئًا.
كما قال الله -عز وجل-:  ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].
لا حظتم في النص السابق أن الحفظ في هذه السورة المقصود بها بماذا ؟!
حفظ الكتابة كتابة الأعمال .
ثم قال بعدها ﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾، فكل ما يفعله الإنسان ويقوم به تعلمه هذه الملائكة وتدوِّنه، لا تترك منه شيئًا.
بعدما ذكر هذا العتاب وبيَّن أن كل عمل ابن آدم محسوب، انتقل إلى الجزاء فقال: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ 
قال: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ ﴾ من هم الأبرار ؟!
جمع برّ، والبر هو المتوسع في فعل الطاعات .
فلما كان البر متوسعًا في فعل الطاعة، يتصدق، يصوم، يحج، يذكر الله، يقرأ القرآن، يقوم الليل، يبر الوالدين، يصل الرحم، يحسن إلى الخلق، يُكرم الضيف، إلى آخر أعمال البر، يسعى فيها ويُنوِّع بينها سُمِّيَ برًّا، وجمعه: أبرار، جعلني الله وإياكم منهم.
ولعل هذه من الأيام التي ينبغي للمسلم وللمسلمة أن يتوسع في فعل الطاعات فهي أيام فاضله .
قال: ﴿ لَفِي نَعِيمٍ ﴾، نعيم، المقصود به -بالدرجة الأولى: نعيم الآخرة، لأن الحديث عن الآخرة، ولكن ذلك لا يمنع أن يأخذ الإنسان من النعيم بقدره في دنياه وفي قبره؛ لأن النعيم هنا جاء مطلقًا غير مقيد.
ما قال: "لفي نعيم في الجنة أو في الآخرة"، فدلَّ ذلك على أن البارَّ يُدرك من النعيم في الدنيا، وفي قبره، وفي الآخرة، كل واحد من هذه الدور الثلاثة بحسبها، وهذا ما أثبته ابن القيم -رحمه الله- في تعليقه على هذه الآية، بأنها جاءت مطلقة.
وهذا يلاحظه الأبرار، فإنهم يُدركون من لذة الطاعة والإيمان، وعمل البر وفعل الخير، ما تنشرح به صدورهم، وتأنس به نفوسهم، ويدركون به لذَّة عظيمة من لذائذ الحياة، أسأل الله أن نكون منهم .
حتى إنه يقول بعضهم: "إنه لتمرُّ بي ساعات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم طيب".
وهذا من جزاء المؤمن المُعجَّل، يُعجِّل الله له أثر برِّه وطاعته، ونحن نقول لكل إنسان يجد ضيقًا، وكدرًا في نفسه، يجد همومًا وأحزانًا، اعلم أن هذا بسبب تقصيرك في حق الله، فالله -سبحانه وتعالى- شكور، ومن كونه شكورًا أنه يُعجل لعبده بالثواب وإن لم يكن هو الثواب الأعظم الذي يُدَّخر للعبد يوم القيامة.
قال الله -عز وجل-: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴿13﴾ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾، الفجار: هم الذين فجروا من جهتين من تعرف ؟!
- من جهة فجور القلب بالتكذيب.
- وفجور الجوارح بالعاصي.
أي خرجوا عن الطاعة .
( يَصْلَوْنَهَا يوم الدين )؛ أي يصلون تلك الجحيم يوم الدين، أي يوم الجزاء والحساب .

قال: ﴿ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ﴾، عن ماذا ؟
نعم عن الجحيم .
﴿ بِغَائِبِينَ ﴾؛ أي مخلدون فيها لا يخرجون منها، فالمقصود بها ذكر خلودهم وبقائهم في النار -نسأل الله العافية والسلامة.
ثم عظَّم الله يوم الدين في قوله -بهذا الأسلوب الذي سيتكرر معنا كثيرًا في جزء عم: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾، إنه يوم عظيم، يوم مهول، استعدوا له، وانتبهوا له، واستيقظوا لعظمته، وكونوا على حذر منه، وخذوا الأهبة التامة لهوله، فإنه فوق ما تتخيلون، وأعظم مما تصورون.
ثم أجاب بهذا الجواب الفخيم، الرهيب، المهول، الساكن، الذي يملأ النفس عظمة وهيبة: ﴿ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا ﴾، ليس هناك نفس -مهما كانت- تملك لنفس -مهما كانت- شيئًا، إلا أن يأذن الله بشيء من ذلك ويرضاه، فلا أحد في ذلك اليوم يتصرف أو يقدم خيرًا، أو يدفع ضرًّا، أو ينصر أحدًا، إلا أن يأذن الله به.
ثم ختم الله هذه السورة بقوله: ﴿ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ﴾، الأمر كله لله، لا لملك مقرَّب، ولا لنبي مرسل، حتى إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طُلبت منه الشفاعة يذهب ويسجد عند العرش، ويحمد الله بمحامدَ لم يُفتح عليه بمثلها من قبل، ويُكثر من الحمد لله -عز وجل- حتى يُقال له: «ارفع رأسك، وسل تعط، واسمع تُجَب»، أو كما قال الحديث.
وهذا فيه مما يقرع النفوس ويأخذها الرعب من مثل هذا المشهد .

وبهذا تكون هذه السورة العظيمة المهيبة قد أثَّرت في نفوسنا أننا نستعد للقاء الله -عز وجل-، ونستعد لذلك اليوم بالعمل الصالح، فنكون من الأبرار الذين توسَّعوا في فعل البر، وصار لهم النعيم المقيم، ونحذَر أن نكون من الفجار الذي لم يستعدوا لذلك اليوم، ولم يتأهبوا له بالزاد الذي ينبغي أن يتزود لمثله به .

ونحن نتدارسها ووافق هذا التدارس هذه الأيام الفاضلة والتي خصها الله وعظم الأجر فيها فلنكن من المشمرين والمقبلين والمتزودين .

وهنا نختم سورة الإنفطار .